للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابنُ عطية في ذهابه بالسَّلوى إلى العَسَلِ، وهذا من تخطئة العلماء للشعراء، وهو مذهبٌ لبعضِ اللُّغويِّين، وقد صنَّفَ فيه المرزباني كتابه «الموشَّحُ في مآخذ العلماء على الشعراء»، وذكر أمثلة كثيرة لتعقبات العلماء للشعراء.

وقال الزجاج: «أخطأ خالدٌ، إِنَّما السَّلوى طائرٌ، وقال الفارسيُّ يردُّ على الزجاجِ: السَّلوى كُلُّ ما سلاَّكَ، وقيلَ للعسلِ: سَلوى لأَنَّه يُسلِّيكَ بِحلاوتهِ، وتأتيه عن غَيْرِه مِمَّا تَلحقُكَ فيه مَؤنةُ الطبخِ وغَيرهِ من أنواع الصناعة» (١).

وقد ردَّ القرطبيُّ على ابن عطية في تخطئته للشاعر فقال: «ما ادَّعاهُ من الإجماعِ لايصح، وقد قال المؤَرِّجُ (٢) أحد علماء اللغة والتفسير إنه العَسَلُ، واستدل ببيت الهذلي وذكر أنه كذلكَ بلغة كنانة، سُمِّي به لأَنه يُسَلَّى بهِ، ومنه عَيْنُ السُّلوانِ، وأنشد:

لو أشربُ السُّلوانَ ما سَلَيْتُ ... ما بِيْ غِنًى عنكِ وإنْ غَنِيْتُ (٣)

وقال الجوهري: والسَّلوى العَسَلُ (٤)، وذكر بيت الهذلي:

.............................. ... ألذُّ من السَّلوى إذا ما نَشورها

ولم يذكر غَلَطًا» (٥).

وربما رد ابن عطية تخطئة بعض العلماء للشعراء، ومن الأمثلة على ذلك قوله: «وأيضًا فإن البحر الفرات كله ينصب في البحر الأجاج، فيجيء الإخراج منهما جميعًا. قال القاضي أبو محمد: وقد خطئ أبو ذؤيب في قوله في صفة الجوهر:


(١) المحرر الوجيز (قطر) ٥/ ٤٥٩، وانظر: معاني القرآن وإعرابه.
(٢) هو مؤرج بن عمر السدوسي البصري، أحد أعيان أصحاب الخليل بن أحمد، توفي سنة ١٩٥ هـ. انظر: بغية الوعاة ٢/ ٣٠٥.
(٣) للعجاج كما في ديوانه ٤٠٦.
(٤) انظر: الصحاح ٦/ ٢٣٨١.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ١/ ٤٠٧ - ٤٠٨.

<<  <   >  >>