للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيتٍ منها أجودُ من هذا البيت». (١)

- وقد رد المفسرون شواهد من هذا القبيل لعدم معرفة العلماء لها، ومن ذلك قول الشاعر:

نأْتي النِّساءَ على أَطهارِهِنَّ ولا ... نأتي النِّساءَ إذا أَكْبَرنَ إِكبارَا (٢)

فقد استدل به من يقول: إن معنى: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} [يوسف: ٣١] (٣)، أي: لما رأينَهُ حِضْنَ، غير أن المفسرين ردوا هذا الاستدلال، وطعنوا في الشاهد الشعري، قال الطبري: «وقد زعم بعضُ الرواة أن بعض الناس أنشده في أَكْبَرنَ بِمعنى حِضْنَ بيتًا لا أحسب أن له أصلًا؛ لأنه ليس بالمعروف عند الرواة وذلك:

نأْتي النِّساءَ على أَطهارِهِنَّ ولا ... نأتي النِّساءَ إذا أَكْبَرنَ إِكبارَا

وزعم أَنَّ معناهُ: إذا حِضْنَ» (٤). كما رده أيضًا ابن عطية وقال فيه: «والبيت

مصنوع مختلق، كذلك قال الطبري وغيره من المحققين». (٥) كما ردَّهُ أَهلُ الشِّعرِ والأَدبِ (٦). وإن كان الزمخشري قد حكى هذا القول، ولم يرده. (٧)

وقد سبق أن ردَّ هذا التفسير أبو عبيدة مع سعة معرفته بشعر العرب فقال: «{أَكْبَرْنَهُ}: أَجْلَلْنَهُ وأَعْظَمنَهُ، ومن زعم أَنَّ {أَكْبَرْنَهُ}: حِضْنَ، فمن أينَ؟ وإنَّما وَقَعَ عليه الفعلُ ذلك لو قالَ: أَكْبَرْنَ، وليس في كلام العرب أكبرن: حِضْن». (٨) وقال ابن منظور عن هذا التفسير: «وهذا


(١) الحيوان ٦/ ٢٧٨.
(٢) لم أعثر على قائله.
(٣) يوسف ٣١.
(٤) تفسير الطبري (شاكر) ١٦/ ٧٦ - ٧٧.
(٥) المحرر الوجيز ٩/ ٢٩٠.
(٦) قال الحاتِمي في رَدِّهِ على المتنبي تفسيْرَه لمعنى {أَكْبَرْنَهُ} في قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} [يوسف: ٣١] بأَنَّهُ بِمعنى: حِضْنَ استحسانًا له: «لم يقلْ هذا أَحَدٌ مِن مُحصِّلي أَهلِ العلم، ولا شَهِدَ به ثقةٌ، وإِنَّما رُوي بيتٌ شاذٌّ لم يُنسَب إلى أَحدٍ ... ثم ذكر البيت». الرسالة الموضحة ١٣.
(٧) انظر: الكشاف ٢/ ٤٦٥.
(٨) مجاز القرآن ١/ ٣٠٩.

<<  <   >  >>