للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد زاد ابن عطية هذا الشاهد إيضاحًا في موضع آخر من تفسيره، ونسبه إلى الشاعر فقال: «وشَهرُ مُضرَ وهو رَجَبُ الأصمُّ، سُمي بذلك لأنه كان لا يُسمعُ فيه صوتُ الحديد، وسَمَّوه مُنْصلَ الأَسنَّةِ؛ لأنهم كانوا يَنْزِعون فيه أسنَّةَ الرماح. وهو شهرُ قريشٍ، وله يقول عوفُ بن الأحوص ... ». (١) ثم ذكر الشاهد.

وفي شرح الأنباري للمفضليات: «قال أبو عبيدة: هذا شهر كانت مشايخ قريش تعظمه، فنسبه إلى بني أمية ... وقال أحمد بن عبيد: شهر بني أمية: ذو الحجة، كانت تعظمه قريش؛ لأنهم كانوا إذا قضوا الحج تذاكروا آباءهم، فافتخروا بِهم، وخَصَّ بني أمية على سائر قريش». (٢) ولم أجد قول الأصمعي عند غير ابن عطية، وقد جمع بينه وبين قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنتا عشر شهرًا منها أربعة حرم: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان». (٣) وذكر أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ورجب مضر» للتفريق بينه وبين ما كانت تفعله قبائل ربيعة بأسرها، فإنها كانت تجعل رجبها رمضان وتحرمه ابتداعًا منها، وكانت قريش ومن تابعها في ذلك من قبائل مضر على الحق، فقرر النبي ذلك، ونسبه إلى مضر إذ كان حكمه وتحريمه إنما كان من قبل قريش. (٤)

ومن أمثلة توثيق المفسرين للشاهد الشعري من كتب الاختيارات الشعرية المتقدمة، التي اعتمد عليها العلماء في استشهادهم قول


(١) المحرر الوجيز ٥/ ٢٠٤.
(٢) شرح المفضليات للأنباري ١/ ٤٣١، شرح اختيارات المفضل للتبريزي ٢/ ٨٠٥.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير ٥/ ٤١٧، ومسلم في صحيحه ٣/ ١٣٧.
(٤) انظر: المحرر الوجيز ٦/ ٤٨٢ - ٤٨٣، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ٨/ ٤٨٨ - ٥٠٨.

<<  <   >  >>