للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَلا أَبْلغَا هذا المُعَرِّضَ أَنَّهُ ... أَيقظانَ قالَ القولَ إِذْ قالَ أَمْ حَلُمْ (١)

وهي رواية ضعيفة، ورواية الطبري أقوى في الدلالة على المراد منها، لأن كعبًا يرد على مزرد بن ضرار الذبياني أخي الشماخ الذي غضب لما لم يذكره كعب في شعره حينما قال استجابة لطلب الحطيئة:

فَمَنْ للقوافي شأنُها مَن يَحُوكُها ... إذا ما مضَى كعبٌ وفَوَّزَ جَرولُ

فذكر الحطيئة، ولم يذكر مزرد، فغضب مزرد. (٢) وهناك فائدة جليلة في رواية الطبري لهذا البيت، وهي ورود الآية في اللغة بمعنى القصة، وهذا معنى لم تذكره كتب اللغة، مع كثرة شواهده من الشعر كما أشار إلى ذلك محمود شاكر رحمه الله. (٣)

ومن المواضع التي انفرد فيها الطبري برواية شعرية أجود وأصح من غيرها، ما ورد في تفسيره لمعنى «التفجُّر» في قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ} [البقرة: ٧٤] (٤) قوله: «والتفجر: التفعل من تفجر الماء، وذلك إذا نزل خارجًا من منبعه، وكل سائل شخص خارجًا من موضعه ومكانه، فقد انفجر، ماءً كان ذلك أو صديدًا أو غير ذلك، ومنه قول عمر بن لجأ:

ولَمَّا أَنْ قُرِنتُ إلى جَريرٍ ... أَبى ذُو بَطنهِ إِلَّا انفِجارا

يعني: إلا خُروجًا وسيلانًا». (٥) والبيت ورد في المصادر الأخرى: «إلا انحدارا». (٦) ورواية الطبري أدل على المعنى، وأقرب إلى لغة الشعر. (٧) لأن دلالة الانفجار في البيت على الحال التي يقصدها الشاعر في هجاء جرير أبلغ من دلالة الانحدار، مع عدم استعمال الانحدار


(١) انظر: ديوانه ٦٤.
(٢) انظر: شرح ثعلب للديوان ٦٤.
(٣) انظر: طبقات فحول الشعراء ١/ ١٠٦ حاشية ٣.
(٤) البقرة ٧٤.
(٥) تفسير الطبري (شاكر) ٢/ ٢٣٨.
(٦) طبقات فحول الشعراء ١/ ٣٦٩، الأغاني ٨/ ٧٢.
(٧) انظر: طبقات فحول الشعراء ١/ ٤٣٢ حاشية ٣.

<<  <   >  >>