للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حرفٍ منهُ مِنْ غَيْرِ حذفٍ ولا زيادةٍ ولا نُقصانٍ. (١)

وللعلماء في قراءة الجمهور «اليَسَع» تأويلان:

الأول: أَنَّهُ منقولٌ من فعلٍ مضارعٍ، والأصلُ: يَوْسَع كيَوْعِد، فوقعت الواو بين ياءٍ وكسرةٍ تقديرية؛ لأنَّ الفتحة إنَّما جيءَ بِها لأجل حرف الحلق فحذفت لحذفها في يَضَعُ، ويَدَعُ، ويَهَبُ وبابه، ثم سُمِّي به مُجرَّدًا عن ضميرٍ، وزيدت فيه الألف واللام، ويكون ذلك كزيادتها في «اليزيد» كما في بيت الشعر، أو تكون الألف واللام للتعريف بعد تنكير الاسم قبل دخولها.

الثاني: أنَّ «اليَسَع» اسمٌ أعجميٌّ لا اشتقاق له، وهو نبيٌّ بُعِثَ بعد إِلياس عليهما السلام، وكان تلميذًا له. (٢) وقيل: هو يوشع بن نون فتى موسى. واختاره القرطبي فقال: «والحق في هذا أنه اسم أعجمي، والعجمة لا تؤخذ بالقياس، إنما تؤخذ سماعًا، والعرب تغيرها كثيرًا، فلا ينكر أن يأتي الاسم بلغتين» (٣).

والطبري يرى أن «اليسع» كُلَّهُ اسمٌ أعجميٌّ، وغيره يرى أنَّ الألفَ واللام زائدتان أو معرفتان دخلتا على «يَسَع» الذي هو الاسمُ الأعجميُّ. (٤) وما ذهب إليه الطبري أولى لأَنَّ الألفَ واللام من أصل الكلمة، إذ أصلها بالعِبْريَّةِ «أِلِيشَاع». . . . . بمعنى «الله هو الخلاص»، فعُرِّبت بصورة «اليَسَع»، وعوملت لامُها مُعاملةَ لام التعريف، وهذا يوافق سُنَنَ التعريب، فقد عوملت «ال» في بعض الكلمات المُعرَّبة المبدوءة


(١) انظر: تفسير الطبري (شاكر) ١١/ ٥١١ - ٥١٢.
(٢) انظر: الإعلام بأصول الأعلام للدكتور ف. عبد الرحيم ٤٦.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٧/ ٣٣، المعرب للجواليقي بتحقيق أحمد شاكر ٣٤٧، ٤٠٣.
(٤) انظر: الكشف عن وجوه القراءات ١/ ٤٣٨، حجة القراءات ٢٥٩، الجامع لأحكام القرآن ٧/ ٣٢، الدر المصون ٥/ ٢٨ - ٢٩، تفسير غريب القرآن لزين الدين الرازي ٣١٣.

<<  <   >  >>