للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدلالة اللغوية للقرآن الكريم دون غيرها، وربَّما يصحُّ هذا في مصنفات الطور الأول دون ما بعده، حيث صُنِّفَتْ كتبٌ في معاني القرآن اشتملت على الروايات المأثورة عن السلف في التفسير كما صنع أبو عبيد القاسم بن سلَّام (ت ٢٢٤) عندما شرع في عمل كتابه «معاني القرآن» وبلغ إلى سورة الحج أو الأنبياء، حيث إِنَّه جَمَع إلى ما في كتب «معاني القرآن» السابقة عليه ذكر الآثار وتفاسير الصحابة والتابعين والفقهاء بأسانيدها. (١)

ويُعدُّ كتابُ «معاني القرآن» لأبي عُبيدٍ مرحلةً فارقةً بين مصنفات معاني القرآن في طورها الأول على يد أبي عبيدة والفراء وطبقتهما، ومن بعدهم، حيث اقتصر الأوائل على جانب اللغة والنحو في بيان دلالة ألفاظ القرآن وتراكيبه، فجاء فأضاف روايات السلف وتفاسيرهم، وحاول بذلك تجاوزَ المآخذِ التي أُخذت على أَبي عبيدةَ والفراء في كتبهم. ثم جاء بعد ذلك الزجاج (ت ٣١١)، والنحاس (ت ٣٣٨) في «معاني القرآن» فسارا على منهج أبي عبيد، في ذكر روايات السلف، غير أن عناية النحاس بها أكثر، حيث نصَّ على ذلك في مقدمته.

وقد سُئِلَ أبو عمرو بن الصلاح (ت ٦٤٣) عن هذا المصطلح الذي يتكرر في بعض كتب التفسير فقال: «وحيث رأيتَ في كتب التفسيرِ «قال أهلُ المعاني» فالمرادُ به مُصنفو الكُتبِ في معاني القرآنِ، كالزجَّاجِ ومَنْ قَبله ... وفي بعض كلام الواحدي: أَكثرُ أهلِ المعاني: الفراءُ والزجاجُ وابن الأنباري قالوا كذا». (٢) وهذا الذي ذكره ابن الصلاح بيانٌ للمقصودِ


(١) انظر: تاريخ بغداد ١٢/ ٤٠٥، طبقات المفسرين للداودي ١/ ١٠٦ - ١٠٧ وذكر أنه لم يكمله لنهي الإمام أحمد بن حنبل له عن اتخاذه أبا عبيدة والفراء أئمة يحتج بهما في معاني القرآن، في حين يفهم من كلام الخطيب البغدادي غير ذلك، مما يوهن هذه القصة عند الداوودي. انظر: النحو وكتب التفسير لرفيدة ١/ ١٢٠ - ١٢١.
(٢) البرهان للزركشي ١/ ٣٩٤، ٢/ ٢٨٣، الإتقان في علوم القرآن ١/ ٣٥٣.

<<  <   >  >>