فيأخذ المؤلف في بيان غريب القرآن مبتدأ بسورة الفاتحة، ومختتمًا بسورة الناس، ويتعرض للمفردات التي يراها غريبةً وفي حاجة إلى بيانٍ، وقد سار على هذا المنهج أبو عبيدة في كتابه «مجاز القرآن»، فبيَّن غريب القرآن بحسب ترتيب المصحف. وقدم بين يدي الكتاب بمقدمة مُهمّةٍ تكلم فيها عن معني لفظة القرآن والسورة والآية، ثم أعقبها بحديثٍ مختصرٍ عن أساليب القرآن اللغوية، ثم شرع في بيان غريب القرآن بعد ذلك مرتبًا.
وسار ابن قتيبة في كتابه «غريب القرآن» على هذا المنهج فَبَيَّنَ غريبَ القرآن بحسب ترتيب السور، غير أنه قدم قبل ذلك بفصلين رأى أهميتهما، الأول بَيَّن فيه «اشتقاق أسماء الله وصفاته، وإظهار معانيها»، والثاني «باب تأويل حروف كثرت في الكتاب». (١) وهو يعني بالكتابِ القرآنَ، حيث قد تكررت هذه الألفاظ في القرآن، فأفرد ابن قتيبة هذا الفصل لبيان معانيها، حتى يغني ذلك عن تكرار بيانها، من أمثال لفظة: الجن، والإنس، والملائكة، والشيطان، والشرك، واللعن وغيرها.
الثاني: الترتيب على الحروف.
سار بعض كتب غريب القرآن بعد ذلك على ترتيبٍ مختلفٍ، وهو ترتيب ألفاظ القرآن على ترتيب الحروف الألفبائي أو على طريقة الجوهري في كتابه الصحاح وهو الترتيب بحسب الباب والفصل، دون النظر إلى السورة أو الآية من حيث الترتيب. وقد أصبحت هذه الطريقة في الترتيب هي السائدة في الكتب المتأخرة، وصنف عليها الراغب الأصفهاني كتابه «مفردات ألفاظ القرآن»، وبعده السمين الحلبي في «عمدة الحفاظ»، وقد تقدم بيان ذلك في المبحث السابق.