للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الآية، وأنها بمعنى المعاطاة باليد، كما في بيت الأخطل. وكما تقدم فالشاهد اللغوي هو الغالب على كتب غريب القرآن، وأمثلته كثيرة في كتب غريب القرآن. (١)

أما كتب معاني القرآن فقد غلب على شواهدها الشعرية الشاهد النحوي، وخاصة في معاني القرآن للفراء والأخفش. وأمثلته كثيرة جدًا في كتاب الفراء والأخفش لغلبة النحو عليهما.

١ - ومن أمثلة هذه الشواهد النحوية عند الفراء، ما جاء عند تفسير قوله تعالى: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥)} [البقرة: ٣٥] (٢) حيث قال: «إن شئت جعلت {فَتَكُونَا} جوابًا نصبًا، وإن شئت عطفته على أول الكلام فكان جزمًا، مثل قول امرئ القيس:

فقلتُ لهُ: صَوِّبْ ولا تُجْهِدَنَّهُ ... فَيُذْرِكَ مِنْ أُخرى القَطاةِ فَتَزْلَقِ (٣)

فَجَزَمَ». (٤) وقد بَيَّنَ الفراء وجهَ كُلٍّ من النصب والجزم بعد ذلك فقال: «ومعنى الجَزْمِ كأَنَّهُ تكريرُ النَّهي، كقول القائل: لا تَذْهَبْ ولا تَعَرَّضْ لأحدٍ. ومعنى الجوابِ والنَّصْبِ لا تفعل هذا فيُفْعَلْ بكَ مُجازاةً. فلما عطفَ حرف على غير ما يشاكله، وكان في أوله حادث لا يصلح في الثاني نصب». (٥)

فيكون الجزم عطفًا على قوله: {تَقْرَبَا} كما في بيت امرئ القيس.


(١) انظر: مجاز القرآن ١/ ١٠١، ٨٧، ٨٢، ٧٩، ٤٠٢، ٤١٢، ٢١٥، ١٩٠، ١٩٢، ١٩٣، ٢١٦، ٣٤١، ٣٤٠، ٣٥٥، ٣٥٣، ٣٤٧، ٣٦١ وغيرها، وغريب القرآن لابن قتيبة ٣٦٨، ٣٧٨، ١٢٧، ١٣٥، ٢٦، ٢٠٤، ٨٥، ١١٥، ١١٥، ١٥٣، ١٤٨ وغيرها.
(٢) البقرة ٣٥.
(٣) فَيُذْرِكَ: من أذريت الرجل عن الدابة والبعير إذا ألقيته. يعني: قلتُ للغلام: صوِّب الفَرسَ ولا تُجهدهُ، وخذ عفوَه ولا تَحملهُ على العَدْوِ فيصرعَكَ. والقطاةُ من الفَرَسِ موضعُ الرِّدْفِ. انظر: ديوان امرئ القيس ١٧٤، ونسب البيت لعمرو بن عمار الطائي. انظر: الكتاب ١/ ٤٥٢، المقتضب ٢/ ٢٣.
(٤) معاني القرآن ١/ ٢٦ - ٢٧.
(٥) معاني القرآن ١/ ٢٧.

<<  <   >  >>