للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومكانة خاصة، فقد كان أصحاب هذه المصنفات من رواة الشعر الأوائل أو من طبقة تلاميذهم، ولذلك كان الشعر أهمَّ ما استشهد به أهلُ المعاني والغريب في بيان الدلالة اللغوية، والاحتجاج للأحكام النحوية، وقد كان لهم في ذلك منازعُ مختلفةٌ تبعًا لأسلوب كُلٍّ منهم وغايته، والمرحلة التي أَلَّفَ فيها كتابه، إذ كان بعضهم يعتمد عليه اعتمادًا كليًا حتى عيب به كأبي عبيدة في «مجاز القرآن»، وبعضهم يقتصد كالأخفش والفراء، وسيأتي تفصيل ذلك.

وقد تقدم بيان أنه لا يشترط وجود شواهد من الشعر لبيان كُلِّ لفظٍ في القرآن الكريم؛ لعدمِ الحاجة إلى ذلكَ، لأن أغلب ألفاظ القرآن ظاهرة لا تحتاج في بيانها إلى الاستشهاد بالشعر أو غيره. ولم يكن أهلُ اللغةِ يعتمدون في بيان المفردات في الغالب إلا على شعر العرب وكلامهم، دون الرجوع لتفسير الصحابة والتابعين للقرآن مع أنهم أعلم بالقرآن ولغته على حد سواء، وذلك «لأَنَّهم إمَّا عَرَبٌ تُنقلُ عن مثلهم اللغةُ، كالصحابةِ وكبار التابعين، الذين عاصرهم اللغويون الذين نقلوا اللغةَ ودونوها، وأَقلُّ حالِ مُفسري أتباعِ التابعين أنْ يكونوا بِمنْزِلةِ هؤلاء اللغويين في نقلِ اللغة». (١) والمفردات التي أخذها اللغويون عن المفسرين كثيرة، وقد أفردها بعض العلماء بالذكر. (٢)

أهل المعاني من اللغويين واستشهادهم بالشعر:

وقد كان اللغويون المتقدمون أهلَ عنايةٍ بحفظِ الشعر عامة، وشعر الشواهد خاصة، واشتهر من اللغويين وأهل المعاني بحفظ شواهد الشعر محمدُ بن القاسم الأنباريِّ (ت ٣٢٨ هـ) فذكر تلميذه أبو علي القاليِّ أنه


(١) انظر: التفسير اللغوي للقرآن الكريم ٥٦٠.
(٢) انظر: المدخل لعلم تفسير كتاب الله للسمرقندي ٩٨ باب ما جاء عن أهل التفسير ولا يوجد له أصل عند النحويين ولا في اللغة.

<<  <   >  >>