للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال عمر: «أيها الناس، تَمسكوا بديوان شعركم في جاهليتكم فإن فيه تفسير كتابكم» (١). وسيأتي لهذا الشاهد مزيد بيان في موضع آخر، والمقصود هنا بيان أنَّ عمر رضي الله عنه من أقدم من فتح باب الاستعانه بالشعر في تفسير القرآن الكريم، وهو باب دخل منه الشعر الجاهلي إلى الحياه الإسلامية، وحظي فيها بمكانةٍ لم يكن ليظفر بها من غير هذا الطريق.

وأكثر المفسرين استعانة بالشاهد الشعري اللغوي في تفسير القرآن الكريم من الصحابة رضي الله عنهم عبدُ الله بن عباس رضي الله عنهما، في الأسئلة التي سأله عنها نافع بن الأزرق، وكلها تدخل تحت الشاهد الشعري اللغوي (٢).

ومنها أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس عن تفسير قوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (٣٥)} [الرحمن: ٣٥] (٣) ما النُّحَاسُ؟

فأجابه ابن عباس رضي الله عنهما بقوله: هو الدخان الذي لا لهب فيه.

فقال ابن الأزرق: وهل كانت العرب تعرف ذلك؟ قال نعم، أما سمعت بقول النابغة (٤):

يُضِيءُ كَضوءِ سِراجِ السَّليـ ... ـطِ لم يجعل اللهُ فيهِ نُحَاسَا (٥)

يعني دخانا (٦).

وهذا الشاهد قد استشهد به علماء اللغة على أن معنى النحاس في


= لقعنب بن أم صاحب، تفسير القرطبي ١٠/ ١١٠، تفسير الألوسي روح المعاني ١٤/ ١٥٢.
(١) الموافقات ١/ ٥٨.
(٢) ستأتي دراستها مفصلة في الفصل الثاني من الباب الأول ص ٢١٩.
(٣) الرحمن ٣٥.
(٤) هو الجعدي.
(٥) انظر: ديوانه ٨١، مجاز القرآن ٢/ ٢٤٥، معاني القرآن للفراء ٣/ ١١٧، غريب القرآن لابن قتيبة ٤٣٨، الجامع لأحكام القرآن ١٧/ ١١٢، الكشاف ٤/ ٤٤٩، ونسبه الطبري (هجر) ٢٢/ ٢٢٦ للنابغة الذبياني في نُسَخٍ.
(٦) انظر: مسائل نافع بن الأزرق ص ٣٦ - ٣٧.

<<  <   >  >>