وقد استبعدت من هذا الجدول من القبائل ما لم يكن منها إلا شاعر أو شاعران لهم شاهد أو شاهدان. ومن خلال هذا الإحصاء للقبائل، وعدد الشعراء المنتسبين لكل قبيلة وعدد شواهدهم، يمكن الخروج بالنتائج الآتية:
أولًا: أن أصحاب كتب المعاني والغريب قد استشهدوا بأشعار شعراء ينتمون إلى أكثر من ثلاثين قبيلة من قبائل العرب، وقد دَمَجتُ القبائلَ الصغيرة في قبائلها الأصلية في الإحصاء السابق، وهؤلاء الشعراء يمثلون مجموعة كبيرة من قبائل العرب التي احتج أهل اللغة بلغتهم، وهم من عصور الاحتجاج المتفق عليها.
ثانيًا: أَنَّ أكثر الشعراء ينتسبون لقبيلة تَميمٍ، فقد استشهد أصحاب المعاني والغريب بشعر ثلاثين شاعرًا من شعراء تميم في الجاهلية والإسلام، وبلغت شواهدهم مجتمعةً مائة وخمسة شواهد، وهي مختلفة في اللغة والنحو وغيرها، وأبرز شعراء تميم كانوا في الإسلام فقد اشتهر منهم جرير، والفرزدق، والعجاج، ورؤبة بن العجاج وعن هؤلاء أخذ أصحاب معاني القرآن وغريبه معظم شواهدهم، وأما بقية شعراء تميم فيكون للواحد منهم البيت والبيتان والثلاثة، وليس فيهم من بلغ مرتبة هؤلاء في كثرة الشواهد.
ثالثًا: أن القرآن الكريم نزل بلغات العرب، ولم يقتصر نزوله على لغة قريش خاصة كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء، وفي صنيع أصحاب معاني القرآن وغريب القرآن من استشهادهم بشعر قبائل العرب إجماع منهم على أنه لم ينزل بلغة قريش وحدها، ولو كان القرآن نزل بلغة قريش لما احتاج الناس إلى الشعر للاستشهاد به على فهم المشكل والغريب، وكان عليهم الرجوع إلى قريش ونثرهم للاستشهاد به في توضيح ما فيه من مشكل وغريب، لا إلى شعر العرب وكلامهم من غير قريش، ثم إن وجود الغريب في القرآن والمشكل وحروف خفي معناها