للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يكون لقب الشاعر غريبًا فيبين معناه ويطيل في بيانه قبل إيراده لشعره، ومن ذلك قول أبي عبيدة: «قال الخِنَّوتُ - وهو توبة بن مضرس، أحد بني مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وإِنَّما سَمَّاه الخِنَّوتَ الأحنفُ بن قيس؛ لأَنَّ الأحنفَ كَلَّمَهُ فلم يُكلِّمهُ احتقارًا له، فقال: إِنَّ صاحبكم هذا لَخِنَّوتٌ. والخِنَّوتُ المُتجبِّرُ الذاهب بنفسه، المُستصغرُ للناس، فيما أَخْبَرني أبو عبيدة محمدُ بنُ حفصِ بن مَحبورٍ الأُسَيديُّ:

وَأَهلِ خِباءٍ صالِحٍ ذاتُ بَينِهِم ... قَدِ اِحتَرَبوا في عاجِلٍ أَنا آجِلُه (١)». (٢)

وقد يذكر الشاعر بكنيته التي اشتهر بها، كأبي فلان أو ابن فلان. ومن ذلك قول أبي عبيدة: «كقول ابن الرعلاء». (٣) واستطرد فشرح معنى الرعلاء فقال: «واسم الرعلاء كوتي، والكؤتي والكوتي يهمز ولا يهمز، والكوتي من الخيل والحمير: القصار. قال: فلا أدري أيكون في الناس أم لا، قال: ولا أدري الرعلاء أبوه أو أمه». (٤) وكذلك قول أبي عبيدة: «وقال ابن أحمر». (٥) وقوله: «وقال ابن هرمة». (٦)

والشعراء الذين نسب لهم الأخفش الشواهد هم الشعراء الذين نسب لهم أبو عبيدة والفراء وابن قتيبة شواهدهم. مما يدل على وحدة مصادرهم في الرواية الشعرية.

وقد تحدَّث المُحقق لكتابه عن صورٍ قليلةٍ من اضطرابِ الأخفش في رواية بعض الشواهد، أو عزوها مِمَّا يدل على أنه كان يُملي كتابه إملاءً. ومما ذكره قوله: «ومن أوضح أمثلة اضطرابه الدالة على اقتضابه اختلاط الأبيات وتداخلها في ذاكرته، كما حدث في الشاهدة الثامن والستين بعد المئتين، إذ لفقه من صدر بيت للحطئيئة هو:


(١) ينسب لزهير بن أبي سلمى، ولخوات بن جبير الأنصاري رضي الله عنه. انظر: ديوان زهير ١٤٥.
(٢) مجاز القرآن ١/ ١٦٢ - ١٦٣.
(٣) مجاز القرآن ١/ ١٤٨.
(٤) المصدر السابق ١/ ١٤٨.
(٥) مجاز القرآن ١/ ١٤٩.
(٦) مجاز القرآن ١/ ١٤٩.

<<  <   >  >>