للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَقولُ لَهُ والرُّمحُ يَأْطُرُ مَتْنَهُ ... تَأَمَّلْ خُفافًا إِنَّنَي أَنا ذَلكا

يعني مالك بن حَمّاد الشَمْخِيَّ. وصميمُ خَيلِه معاويةُ أخو خنساء، قتله دُريد وهاشم ابنا حَرْملة المُرِيَّان». (١)

وهذا شاهدٌ بلاغيُّ على أَنَّ العربَ تُخاطبُ الشاهدَ بِخطابِ الغائبِ البعيدِ، لِتفخيمهِ، وقد جاء الخطاب في الآية بصيغة الغائب لتفخيم أمر القرآن الكريم، وعلو قدره، وجاء الخطاب بصيغة الغائب في الشاهد لتفخيم الشاعر لأمر نفسه.

٢ - وقال أبو عبيدة عند تفسيره للتشبيه في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ} [الرعد: ١٤] (٢): «مجازه: إن الذي يبسط كفه ليقبض على الماء حتى يؤديه إلى فيه لا يتم له ذلك، ولا تَسِقْهُ أَناملهُ، أي: تَجمعهُ». (٣) ثُمَّ استشهدَ بشاهدٍ بلاغي فيه معنى الآية من حيث التشبيه، وهو قول ضابئ بن الحارث البُرْجُمي:

فَإِنِّي وإِيَّاكمْ وشَوقًا إِليكمُ ... كقابضِ ماءٍ لَم تَسِقْهُ أَنامِلُهْ (٤)

ثم شرحه فقال: «يقول: ليس في يدي من ذلك شيءٌ، كما أَنَّه ليسَ في يدِ القابض على الماء شيءٌ». (٥) وهذا مَثَلٌ تَضربهُ العربُ لِمَن سعى فيما لا يدركه. (٦)

٣ - عند تفسير قوله تعالى: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (١٢٧)} [آل عمران: ١٢٧] (٧) ذكر أنَّ أبا عبيدة فسر قوله تعالى: {يَكْبِتَهُمْ} بأنه من الكبت وهو الإهلاك. وقال غير أبي عبيدة أَنَّ معناهُ من


(١) مجاز القرآن ١/ ٢٨ - ٢٩.
(٢) الرعد ١٤.
(٣) مجاز القرآن ١/ ٣٢٧.
(٤) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١٣/ ٤٨٧، خزانة الأدب ٩/ ٣٢٣.
(٥) مجاز القرآن ١/ ٣٢٧.
(٦) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١٣/ ٤٨٧.
(٧) آل عمران ١٢٧.

<<  <   >  >>