للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للقراءات، وساروا في توجيههم للقراءات على المنهج الذي سار عليه هؤلاء المصنفون، فاستشهدوا بالشعر كما استشهدوا، وقد كان للشِّعْرِ النصيبُ الأوفرُ بين شواهد كتب الاحتجاج للقراءات، فقد استشهد ابن خالويه (ت ٣٧٠ هـ) في «إعراب القراءات السبع وعللها» بأكثر من سبعمائة شاهد (١)، واستشهد أبو علي الفارسي (ت ٣٧٧ هـ) في «الحجة» الذي يُعَدُّ أكبَرَ كتب الاحتجاج للقراءات بأكثر من ألفٍ وخَمسمائةِ شاهدٍ من الشعرِ، حتى قال عبد الفتاح شلبي: «وقد أورد أبو علي في الحُجَّةِ من الأشعارِ ما لو جُمِعَ لكان كتابًا ضخمًا قائمًا بذاته» (٢)، واستشهد ابن جني (ت ٣٩٢ هـ) في كتابه «المُحتسَب» بأكثر من سبعمائة شاهد شعري. (٣)

والعلماءُ الذين اشتغلوا بتوجيهِ القراءات كانوا يشترطون لصحةِ القراءة موافقتَها للغةِ العَرَبِ، مع صحةِ إسنادها، ومِنْ أَهَمِّ ما يبحثون عنه في لغة العربِ شواهد الشعر، ولذلك لَمَّا روى أحدُ رواة (٤) أبي عمرو بن العلاء روايةً في قراءة قوله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: ٣٥] (٥) وهي قراءة قوله: {مُكَاءً} بالقصر (مُكًا)، قال ابن مجاهد: «ولا وَجْهَ للقَصْرِ». (٦) فقال ابن خالويه تعقيبًا


(١) انظر: إعراب القراءات السبع وعللها ٢/ ٥٨١ - ٦٠٦.
(٢) أبو علي الفارسي لعبد الفتاح شلبي ٢٠٨.
(٣) انظر: المحتسب ١/ ١٤، وانظر: الموضح لابن أبي مريم فيه، والحجة لابن خالويه فيه ٧٠ شاهدًا، والكشف لمكي فيه ١٥ شاهدًا، وشرح الهداية للمهدوي فيه ٨١ شاهدًا.
(٤) اسم هذا الراوي عباس، ولعله العباس بن الفضل أحد من أخذوا عن أبي عمرو. انظر: غاية النهاية ١/ ٢٩٠.
(٥) الأنفال ٣٥، وهذه القراءة بالرفع والمد هي قراءة الجماعة. انظر: السبعة ٣٠٥، مشكل إعراب القرآن ١/ ٣٤٦.
(٦) إعراب القراءات السبع وعللها ١/ ٥٩.

<<  <   >  >>