للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحفظت بعد ذلك في «الشاطبية» و «الطيبة»، ولو كانت طريقًا عن أحد القراء العشرة ما دامت لم تتواتر فتعد شاذة. وأغلب التوجيهات اللغوية للقراءات الشاذة التي استشهد لها المفسرون بالشعر من باب بيان اللغات التي رويت للقبائل موافقة للقراءة الشاذة، ومن أمثلة ذلك:

١ - قول ابن عطية عند بيانه للقراءة الواردة في لفظة {وَلِوَالِدَيَّ} من قوله تعالى: {{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (٤١)} [إبراهيم: ٤١] (١): «وقرأَ يَحيى بن يَعْمَر (ولوُلْدِي) بضمِّ الواوِ وسُكونِ اللام. (٢) والوُلْدُ لُغَةٌ في الوَلَدِ، ومنه قول ... الشاعر (٣) - أنشده أبو علي وغيرُه:

فليتَ زِيادًا كانَ في بَطْنِ أُمِّهِ ... وليتَ زِيادًا كانَ وُلْدَ حِمارِ (٤)». (٥)

وقراءةُ يَحيى بن يَعْمَر هذه إحدى ثلاث روايات عنه، وهي من القراءات الشاذة، وقد وجَّهها أبو عليٍّ الفارسي وابنُ جِنِّي كما ذكر ابن عطية، واستشهدوا على توجيههم بالشاهد الشعريِّ المُتقَدِّم، على أَنَّ الوُلْدَ يُطلَقُ على الواحدِ والجَمعِ، وما ورد في الشاهد الشعريِّ مِنْ باب إطلاقهِ على الواحدِ. (٦) قال الزجاج: «الوَلَدُ والوُلْدُ واحِدٌ، مِثْلُ العَرَبِ والعُرْبِ، والعَجَمُ والعُجْمُ، ونحو ذلك. (٧) وقَبيلةُ قَيسٍ تَجعلُ الوُلْدَ بِضمِّ الواو للجَمْعِ، والوَلَدَ بفتحها للواحد. (٨)


(١) إبراهيم ٤١.
(٢) قرأ السبعة وأبو جعفر ويعقوب (ولِوالِدَي) بألف بعد الواو وتشديد الياء تثنيةُ والدٍ، وقرأ الزهري ويحيى بن يعمر (ولِوَلَدَيَّ) بغير ألف وبفتح اللام، يعني إسماعيل وإسحاق، وقرأ يحيى بن يعمر أيضًا (ولِوَلَدِيْ) بالإفراد، وقرأ يحيى بن يعمر وعاصم الجحدري (ولِوُلْدِي) بضم الواو وسكون اللام. انظر: المحتسب ١/ ٣٦٥، إعراب القراءات الشواذ ١/ ٧٣٨، الدر المصون ٤/ ٢٧٦.
(٣) هو نافعُ بن صَفَّار الأَسلميُّ.
(٤) انظر: إصلاح المنطق ٤٣.
(٥) المحرر الوجيز ١٠/ ٩٥.
(٦) انظر: معاني القرآن للفراء ٢/ ١٧٣، المُحتسَب ١/ ٣٦٥.
(٧) انظر: لسان العرب ١٥/ ٣٩٣ (ولد).
(٨) انظر: الجامع لأحكام القرآن ١١/ ١٤٦، حجة القراءات ٧٢٥ - ٧٢٦، العضديات للفارسي ١١٠.

<<  <   >  >>