للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اختار الطبري الوجه الذي يراه في هذه الآية فقال: «والصواب من القراءة في ذلك عندي قراءة من قرأ: "ولا تَحْسَبَنَّ" بالتاء {الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ} [الأنفال: ٥٩] بكسرِ الأَلف من {إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ} بمعنى: لا تَحسبنَّ أنتَ يا مُحمَّدُ الذين جَحَدوا حُجَجَ اللهِ، وكذَّبوا بِها سَبَقونا بأَنفسِهم ففاتُونا، إِنَّهم لا يُعجزوننا، أَي: يفوتوننا بأَنفسِهم، ولا يقدرونَ على الهَرَبِ مِنا». (١)

٢ - وقال ابن عطية عندَ بَيانِ القراءات في قوله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن: ٩] (٢): «وقرأَ جُمهورُ السَّبعةِ: {يَجْمَعُكُمْ} بضمِّ العينِ، وقرأَ أبو عَمروٍ بسُكُونِها (٣)، ورُويَ عنهُ أَنَّهُ أَشَمَّها الضمّ (٤)، وهذا على جواز تسكين الحركة وإن كانت لإعرابٍ، كما قال جريرُ:

........................ ولا تَعْرِفْكُمُ العَرَبُ (٥)». (٦)

وهذا استشهاد لقراءة أبي عمرو بتسكين العين من {يَجْمَعْكُمْ} كما أسكن جرير الفاء من قوله: تَعْرِفْكُمُ، مع كون هذه الحركة لإعراب الفعل المضارع.


(١) تفسير الطبري (هجر) ١١/ ٢٤٣ - ٢٤٤.
(٢) التغابن ٩.
(٣) قرأ عباس عن أبي عمرو (يَجْمَعْكُمْ) بسكون العين، وروى عبيد وعلي بن نصر عن أبي عمرو إِشْمامَ العينِ شيئًا من الضمِّ، وذُكر أَنَّ أبا عمرو قرأ باختلاس حركةِ العين. انظر: السبعة ٦٣٨، إعراب القراءات السبع وعللها ٢/ ٣٧٢، الحجة للفارسي ٦/ ٢٩٦، النشر ٢/ ٣٨٨.
(٤) الإِشْمَامُ هو ضمُّ الشفتين بعد الإسكان مباشرةً - كصورتِهما عند النطق بالواو - إِشارةً إلى الضمِّ. ويكون في المضموم والمرفوع، ولا يكون في المكسور والمجرور؛ لأن الإشمام التنبيه إلى حركة الضم والرفع. انظر: ارتشاف الضَّرَب ١/ ٣٩٧، الموضح للقرطبي ٢٠٨، الروضة في القراءات للمالكي ١/ ٢٥٥.
(٥) تقدم تخريجه وشرحه، وقد وقع في طبعة (قطر) للمحرر الوجيز ١٤/ ٤٧٩ خطأ في الشاهد فكتبوه «فَلَمْ تَعْرِفْكُمُ العَرَبُ»، وهو بِهذه الرواية لا شاهدَ فيها على وجه القراءة، في حين جاء على وجهه في طبعة (المغرب) كما في سائر المصادر.
(٦) المحرر الوجيز ١٦/ ٢٩.

<<  <   >  >>