للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرية» - أَنْ يُوردَ في أخباره وقصصهِ كلَّ ما يتصل بها مِن شعرٍ، وقال له: وسألتكَ أَلا تَمرَّ بشعرٍ تَحفظهُ فيما قالهُ أَحدٌ إلا ذكرتَه.

ومع أن عبيدًا كان لا يقصر في الاستشهاد بالشعر، فقد عاد معاوية يُلحِفُ عليهِ بقولهِ: وسألتك إِلا شددتَ حديثك ببعض ما قالوا من الشعرِ ولو ثلاثة أبيات. وحينما ذكرَ عَبيدُ أَنَّ يَعْرُبَ كان يقولُ الشعرَ قال له معاويةُ: اذكر الشعرَ الذي قال يَعْرُبُ. وكان معاويةُ كلما سَمِعَ الشعر الذي قيل في إحدى الحوادثِ اطمأَنَّ إلى صحةِ الخَبَرِ، وقال لعَبيد: لقد جئتَ بالبُرهانِ في حديثك يا عبيد، أو للهِ درُّكَ فقد جئت بالبُرهان (١).

وهذا الشعبيُّ (٢) يسأل ابن عباس رضي الله عنهما عن أول الناس إسلامًا، فيجيبه ابن عباس: أو ما سَمِعتَ قول حسان بن ثابت:

إذا تذكرتَ شَجْوًا مِنْ أَخِي ثِقَةٍ ... فاذكرْ أخاكَ أَبَا بَكْرٍ بِمَا فَعَلا

خَيْرَ البَرِيَّةِ أَتقاها وأعدَلَهَا ... بعدَ النَّبِيِّ وأَوفَاهَا بِمَا حَمَلا

الثاني التالي المحمود مشهده ... وأول الناس منهم صدق الرسلا (٣)

وهذا هو المقصود بالشاهد الشعري التاريخي، وقد وردت في كتب التفسير كثيرٌ من الشواهد التي تشهد لوقائع تاريخية، وقد أوردها بعض المفسرين عند حديثهم عن الحوادث التاريخية في كتب التفسير.

ومن هذه الشواهد التاريخية الغريبة في كتب التفسير ما أورده


= الملوك وأخبار الماضين، وكتاب التيجان وملوك حمير، وقد طبعا باسم أخبار عبيد بن شرية في أخبار اليمن وأشعارها وأنسابها، والثاني كتاب الأمثال. وقد عاش إلى زمن عبد الملك بن مروان. انظر: المعمرون لأبي حاتم السجستاني ٢٢، معجم الأدباء ١٢/ ٧٢ - ٧٨.
(١) انظر: مصادر الشعر الجاهلي ٥٩٩ - ٦٠٠.
(٢) هو التابعي الجليل عامر بن شراحيل الشعبي. انظر: سير أعلام النبلاء ٤/ ٢٩٤.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٨/ ٢٣٦، تاريخ الطبري ٢/ ٢١٤، محاضرات الأدباء للراغب الأصفهاني ٤/ ٤٧٤، والأبيات في ديوان حسان بن ثابت ١٧٧.

<<  <   >  >>