منها، وهذا ما ذهب إليه العلماء من أَنَّه يَجبُ حَملُ معاني القرآن على المشهور المعروف من لغة العرب، دون النادر الشاذ.
- القرآن الكريم نزل بلغات العرب، ولم يقتصر نزوله على لغة قريش خاصة كما ذهبَ إلى ذلك بعضُ العلماء، وفي استشهاد المفسرين وأصحاب المعاني والغريب بشعر قبائل العرب دون تفريق إجْماعٌ على أنه لم يَنْزِل بلغةِ قريشٍ وحدَها، ولو كان القرآن نزل بلغة قريش لما احتاج الناسُ إلى الشعر للاستشهاد به على فهمِ المُشكلِ والغريبِ، وكان عليهم الرجوعُ إلى شعر قريش ونثرهم للاستشهاد به في توضيح ما فيه من مشكل وغريب، لا إلى شعر العرب وكلامهم من غير قريش، ثم إن وجود الغريب في القرآن والمشكل وحروف خفي معناها على بعض القرشيين كأبي بكر وعمر دليل على أنه لم يَنْزِل بلسان قريشٍ وحدها، وقد فَصَّلَ الباحثون هذه المسألة. (١)
- قبيلة تَميمٍ استحوذت على النصيب الأكبر من حيث عدد الشعراء وعدد الشواهد الشعرية في كتب التفسير، فقد استشهد المفسرون بثمانيةٍ وخَمسينَ شاعرًا من شعراء تَميم في الجاهلية والإسلام. يأتي بعد تَميمٍ قبائلُ كنانة، ثُمَّ يأتي بعد هاتين القبيلتين قبيلة بكر ببطونها المختلفة، ومنهم شعراء قيس، وغيرهم من بطون بكر.
- النُّزُوعَ للشاهد مطلبٌ قَديمٌ في عصور صفاء اللغة، والشعر بوجهٍ خاص، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يطلبون الشاهد من الشعر مع سلامة سليقتهم بمقاييس العلماء، غير أنه لم يكن يقنعهم إلا الرواية عمَّن سبقَ كما قال ابن سلَّام، وإن كانوا قد قبلوا شواهد للمعاصرين لهم كما صنع ابن عباس في استشهاده بشعر عمر ابن أبي ربيعة، واستشهد عكرمة بشعر ثابت قطنة.
(١) انظر: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي ٨/ ٦٢٤ - ٦٧٠.