للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ في النُّونِيَّة (١): أنَّ لدَيْنا أربعَةَ أدِلَّة، كلُّها يشهد بعضها لبعض، هي: الكتابُ والسُّنَّة والعَقْل والفِطْرة. وهذه الأدلة الأربعة لا يمكن أن تتناقَضَ أو تتنافَرَ، بل بعضها يؤيِّد بَعْضَها ويشهد له، والله أعلم.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: بيان الفَرْق بين النَّاس في عبادة الله عَزَّ وَجَلَّ، وأنه لا سواء بَيْنَ من هو قانتٌ آناء اللَّيل ساجدًا وقائمًا ... إلخ، وبين من هو عاصٍ بعيدٌ عن الله عَزَّ وَجَلَّ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن ظاهِرَها دوامُ الطاعة آناء اللَّيل في السُّجود والقيام؛ أي في الصلاة، ولكن السُّنَّة بَيَّنَتْ ذلك، وأنَّ الأَفْضَل في قيام اللَّيلِ أن ينامَ نِصْفَه، ويقوم ثلثه، وينام سُدُسَه. وهذا من تقييد القرآنِ بالسُّنَّة.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: فضيلة صلاة اللَّيل؛ لقوله: {آنَاءَ اللَّيْلِ}، وقد دلَّت على ذلك السُّنَّةُ، فقال النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: "أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ صَلَاةُ اللَّيلِ" (٢).

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: فضيلة القيام والسُّجود من بين أركان الصَّلاة، وقد بيَّنَّا وجه ذلك أثناءَ التَّفْسير؛ أنَّ القيام شريفٌ بذِكْرِه، والسجود شريفٌ بِهَيْئَتِه.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنه ينبغي للإنسان أن يكون في سَيْره إلى الله جامعًا بين الخَوْف والرَّجاء؛ لقوله: {يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ}، ولكن هل يكونان سواءً، أو يُغلَّب جانب الرَّجاء، أو يُغَلَّب جانبُ الخوف؟

في هذا أقوالٌ لأربابِ السُّلوك؛ فمنهم من قال: ينبغي أن يكون رجاؤُه وخَوْفُه واحدًا كجَناحَيِ الطَّيْرِ، إذا مال أحدهما اختَلَّ طيرانه.


(١) النونية (ص ٦٧).
(٢) أخرجه مسلم: كتاب الصيام، باب فضل صوم المحرم، رقم (١١٦٣)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>