فقوله تعالى:{الْحَكِيمِ} سبق أنَّه من الإِحْكام ومن الحُكْم، فالإحْكامُ يعني الإتقان، والإتقانُ هو الحِكْمَة، وهي وَضْع الشَّيْء في مَوْضِعِه.
قال العلماء: والحِكْمَة تكون في صُورَةِ الشَّيءِ وهيئَةِ الشَّيء وذاتِ الشَّيء وتكون في غايَتِه؛ فالحِكْمَة في نفس الشَّيْء: يعني أنَّ الشَّيءَ نَفْسَه مشتَمِلٌ على الحكمة، فإذا تأمَّلْتَ الشَّرائِعَ وجَدْتَ أنها مُشْتَمِلة على الحِكْمة، وإذا تأمَّلْتَ الغاية منها وجدْتَها أيضًا في غاية الحِكْمة، كذلك أيضًا إذا تأمَّلْت الصنائع التي صنعها الله عَزَّ وَجَلَّ وهي الحكمة التي تكون في الكون وجَدْت أنها مُشْتَمِلَة على الحكمة، وإذا تأملت الغاية منها وجَدْتَها أنها حِكْمَة أيضًا.
فالعبادات المقصودُ بها: إصلاحُ الخَلْق، وهي مَوْضوعَة على وَفْق الحِكْمة؛ الصلوات كونُها على هذه الهيئة هو الحِكْمة، الزَّكاة والحَجُّ وبقيَّة العبادات، الكون، السَّماء، الأرض، الشَّمس، القمر، كونُها على هذا النظام البديع فهذا حِكْمة، والغاية منها أيضًا حِكْمَة؛ قال الله تعالى:{ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}[ص: ٢٧]