للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إمَّا من قصور علمك) بأن تكون الآيَةُ هذه ناسِخَةً للآيَةِ، وأنت لا تَعْلَم، أو (من سوء فَهْمِك) بأن تكون كلتا الآيتينِ مُحْكَمَة، ولكن لم تَفْهَمِ الجَمْع بينهما، وإلا فلا يمكن أبدًا أن يكون في كلام الله تناقُضٌ، ولا فيما صَحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تناقض أبدًا؛ فهذا لا يُمْكِن؛ لأنَّه شَرْع الله، والله تعالى قد أحكم شَرْعَه.

إِذَنْ: فالله تعالى حكيم في صُنْعه وفي شَرْعِه؛ وبناءً على هذا: تكون حكيمٌ بمعنى: مُحْكِم، وعلى هذا التفسير؛ أن معنى الحكيم المُحْكِم لشَرْعه وصنعه، فهنا نسأل هل تأتي فَعيلٌ في اللُّغَة العَربيَّة بمعنى مُفْعِل؟

والجواب: نعم، تأتي فعيلٌ بمعنى مُفْعِل؛ ومنه قول الشاعر:

أَمِنْ رَيْحانَةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ ... يُؤَرِّقُني وَأَصْحَابِي هُجُوعُ

(أمِنْ ريحانة الدَّاعي السَّميع) السَّميع بمعنى المُسْمِع، فحينئذٍ تكون حكيم بمعنى مُحْكِم.

وهل يمكن أن تكون بمعنى حاكِمٍ؟

الجواب: نعم، يُمْكِنُ أن تكون بمعنى حاكم، وعلى هذا فتكون حكيمٌ بمعنى: أنَّ له الحُكْمَ.

والحُكْمُ المضاف إلى الله عَزَّ وَجَلَّ يَشْمَلُ: الحكم الكونِيَّ، والحكم الشَّرْعِيَّ:

الحكم الكوني: هو إيجادُهُ للأشياء وخَلْقُه الأَشْياءَ، والحُكْم عليها بالفناء والبقاء والتَحَوُّل والتَّغَيُّر، وما أشبه ذلك، كلُّ هذا (حُكم).

الحكم الشَّرْعِيُّ: هو ما جاءت به الرُّسُل عليهم الصَّلاة والسَّلامُ من أحكام الله

<<  <   >  >>