يعني: جميع العباد، كما قال الله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ}[لقمان: ٣٣]، وقال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}[النساء: ١]، والآيات كثيرةٌ في تَوْجيهِ الأَمْر بالتَّقْوى إلى جميع النَّاس، والكافر محتاجٌ للتَّقْوى؛ كما أنَّ المؤْمِنَ كذلك؛ فقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ:[يَدُلُّ عليه] فيه نظر، ففي حكم المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ نَظَرٌ، وفي الاستدلال لهذا الحُكْم نَظَرٌ. وقوله:{فَاتَّقُونِ} غريبٌ أن تأتي النونُ مع فِعْلِ الأمر، والمعروف أنَّ فِعْل الأمر المقرون بواو الجماعَةِ أو ألفِ الاثْنَينِ أو ياء المخاطبة تُحْذَفُ منه النون؛ وهذه النونُ هي للوِقايَة؛ وأَصْلها: فاتَّقُونِي؛ والدليل: كَسْرُ النون؛ لأنَّها لو كانت نونَ الرَّفْعِ لكانت بِفَتْحِ النون، فإنَّ نون الرفع تكون مَفْتوحَةً.
ومن مثال ذلك أيضًا: قوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى في سورة الأنبياء: {فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ}[الأنبياء: ٣٧] بعض الطَّلَبَة يُشْكِل عليه كيف قال: (لا تَسْتَعْجِلونِ) لا الناهية، وتأتي النون مع النَّاهِيَة؟ نقول: النون هنا للوِقَايَة بدليلِ أنَّها مَكْسُورة، ولو أنَّكَ واصلتَ فقلت: فلا تَسْتَعْجلونِي وَجَبَ الكَسْرُ، وكذلك في سورة الذَّارياتِ قوله تعالى:{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ}[الذاريات: ٥٩]؛ فالنون هنا للوِقايَة وليست نونَ الرَّفْع.
أمَّا قوله تعالى:{يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ} فقد سبق معنى التَّقْوى مرارًا، فلا حاجة لإعادتها؛ ومن جملة التقوى تَرْكُ الكُفْر؛ لأنَّ التقوى اتخاذ الوِقايَة من عذاب الله؛ ومن جُمْلَتِها الإيمانُ؛ ولهذا جاءت الآية:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ}[لقمان: ٣٣]{يَاأَيُّهَا النَّاسُ} أي: عمومًا؛ وجاءت آية أخرى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ