من أصْلِ الكَلِمَة، وأما هنا فهي كلمةٌ أخرى: الياء.
والمراد بالعباد هنا: خُصوصيَّة العبودِيَّة؛ أي: عباد الله الصَّالحين لا كُل عَبْد.
ثم بيَّن تعالى من صِفاتِهِم، فقال:{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} هذا من علاماتِ عبادِ الله عَزَّ وَجَلَّ؛ أنَّهُم لا يُضيِّعونَ الفُرَصَ.
قوله:{يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ} أي: يُصْغونَ إليه، ولم يَقُلْ يَسْمَعونَ؛ لأنَّ الاستماع هو متابعة المُتَكَلِّم والإنصاتُ إليه، بخلاف السَّماعِ، ونَضْرِبُ مثلًا لرَجُلٍ مَرَّ بقارئ يقرأ فسَمِعَه يقرأ، ورجل آخر مَرَّ بقارئ يقرأ فجَلَسَ إليه يُنْصِتُ؛ فالأول سامِعٌ، والثاني: مُسْتَمِعٌ؛ ولهذا قال العلماء بناء على هذا الفَرْق: إذا قرأ القارئ آية فيها سجْدَة وسَجَدَ، فإن السَّامِعَ لا يَسْجُد والمُسْتَمِع يَسْجُد؛ لأنَّ المُسْتَمِع متابِعٌ، والسَّامِع ليس بمتابعٍ.
إذن: هؤلاء الذين يَسْتَمِعون القول لا يضيعون فُرْصَة، والمراد بـ {الْقَوْلَ}: القول (أل) هنا للعَهْد، وتشبه أن تكون للعهد الذِّكْري؛ لقوله:{فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} أي: أنَّهُم يَسْتَمِعون القَوْل الحَسَن، ليس كلَّ قَوْل
إذن: المرادُ بالقول هنا: القَوْل الحَسَن، أما اللَّغْوُ أو السَّيِّئ، فإن الله يقول:{وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}[الفرقان: ٧٢]، وقال:{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ}[القصص: ٥٥]، فإذا كانوا يُعْرِضون عن اللَّغْو لأنَّه لا فائِدَة فيه، فالمُحَرَّم من باب أَوْلى.
إذن: هؤلاء قومٌ عندهم حَزْم، عندهم شُحٌّ في الوقت، لا يستمعون إلا إلى القَوْل الحسن؛ فإذا استمعوا إلى القَوْل الحَسَن، فنحن نعلم أنَّ الحَسَن فيه ما هو