المَوْصول لا يُقدَّر فيها إلَّا فِعْل؛ لأنك لو قَدَّرتَ اسمًا احتَجْت إلى تَقدير مُبتَدَأ؛ لتَتِمَّ الجُملة، فيَكون التقدير مرَّتَيْن، أمَّا إذا قدَّرْت فِعْلًا صار التَّقدير مرَّة واحِدة.
وقوله تعالى:{أَفَمَنْ حَقَّ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: (مَنْ) شَرْطية، وهذا أَحَدُ الوَجهين في (مَن).
والوجهُ الآخَرُ: قال بعض العُلَماء رَحِمَهُم اللهُ: إن (مَن) اسمُ مَوْصول، والمَعنَى: أَفالَّذي حَقَّ عليه كلِمة العَذاب تُنقِذه أنت، ودائِمًا اسمُ الشَّرْط والمَوصول يَتَعاوَران، أي: يُستَعار بعضُهما مَكانَ الآخَر.
قوله تعالى:{مَنْ فِي النَّارِ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: جواب الشَّرْط: وأُقيم فيه الظاهِر مَقام المُضمَر ومَعنى كلامه أنه أُقيم فيه الظاهِر الذي هو (مَن) مَقام المُضمَر، وَيكون المَعنى على هذا الوَجْهِ: أفمَنْ حَقَّ عليه كلِمة العَذاب أفأَنْت تُنقِذه وكلام المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ هذا يُوحِي بأن الجُملَتَيْن مُرتَبِطَتان، وليس كلُّ واحِدة مُستَقِلَّة عن الأخرى.
ولكِنْ هناك احتِمالٌ آخَرُ خِلافُ ما قاله المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ وهو أن الثانية مُنفَصِلة عن الأُولى، وأن تَقدير الجُملة الأُولى:{أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ} تَدفَع عنه أو كلِمة نحوها، يَعنِي: أَفتَدْفَع عمَّن حَقَّ عليه كلِمة العَذاب، ثُمَّ استَأنَف فقال:{أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ}، ولها مَعنَيان؛ الأوَّلُ: أن تَجعَله مُؤمِنًا بحيث لا يَستَحِقُّ النار، والثاني: تُنقِذه مِن النار إذا دخَل فيها.
والحاصِلُ: أن مُؤدَّى الجُمْلتين واحِد: أن مَن حَقَّ عليه كلِمة العَذاب فإنه لا يُمكِن لا للرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا لغيره أن يُنقِذه من النار.