للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المَحفوظ، وفي الصُّحُف التي بأَيْدي المَلائِكة، وفي الصُّحُف التي بأَيْدينا.

وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{مُتَشَابِهًا} أي: قُرآنًا] هذا مَعنوِيٌّ، والفَرْق بين التَّفسير اللَّفْظيِّ والمَعنَوِيِّ أننا إذا أَرَدْنا أن نُفسِّر تفسيرًا لفظيًّا أَتَيْنا باللفظ نَفْسه، وإذا أَرَدْناه مَعنويًّا أَتَيْنا بالمعنى.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{مُتَشَابِهًا} قال: أي: يُشبِه بعضُه بعضًا في النَّظْم وغيره] أي: يُشبِه بعضُه بعضًا في النَّظْم، واعلَمْ أنه لا يُراد بالنَّظْم هنا ما يُقابِل النَّثْر، فإن القُرآن ليس شِعرًا، لكن في النَّظْم، أي: نَظْم الكلام وتَنظيمه حتى يَكون مُشبِهًا بعضُه لبعض.

فقوله تعالى: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا} يَعنِي: كِتابة يُشبِه بعضُها بعضًا في الكَمال والجَوْدة وحُسْن المَوْضوع، فلا تَجِده مُتَناقِضًا أبَدًا، ولا تَجِده مخُتلِفًا أبدًا، لكن بحسَب المَقام تارةً يَكون المَقام يَقتَضي الاختِصار، وتارةً يَكون المَقام يَقتَضي البَسْط، فإذا نظَرْنا إلى سورة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والسورة التي قَبلَها وجَدْنا بينهما تَشابُهًا في الحُسْن، حيث إن كل سورة كانت مُناسِبةً للحديث أو للمُتحدَّث عنه، فسُورة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تَتَحدَّث عن الربِّ عَزَّ وَجَلَّ وأسمائه وصِفاته فجاءَت بالأُسلوب المُناسِب، وسورة: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} تَتَحدَّث عن رجُلٍ كافِر، فجاءَت بالأُسلوب المُناسِب؛ فالتَّشابُه مَعناه أنه كلام جاء على الوَجهِ المُناسِب لمَوْضوعه.

وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [{مَثَانِيَ} ثُنِّيَ فيه بالوَعْد والوَعيد وغيرهما]، أي: يُؤتَى بالوَعْد، ثُمَّ يَعقُبه الوعيد، فيُؤتَى بذِكْر النار، ثُم يَعقُبه ذِكْر الجنَّة، ويُؤتَى بصِفات المُؤمِنين، ثُمَّ يُؤتَى بصِفات غيرهم، وكلمة {مَثَانِيَ} عامَّة فتَحتَمِل أن يَكون ذِكْر الوَعيد وذِكْر التَّوْحيد وذِكْر قصص الأنبياء عَلَيْهِم السَّلَامُ ... إلخ.

<<  <   >  >>