(تَصبَّب)؛ لأن (تَصبَّب) لا نَدرِي تَصبَّب دمًا أم تَصبَّب ماءً، أم تَصبَّب عرَقًا، فبيَّن المُتصَبِّب وهو نَكِرة.
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ:[ومَعنَى الآية أنه لا يَستَوِي العبد لجَماعةٍ والعَبْد لواحِد، فإن الأوَّل إذا طلَب منه كُلٌّ من مالِكيه خِدْمته في وقتٍ واحِد تَحيَّر فيمَن يَخدُمه منهم]؛ فقوله رَحِمَهُ اللهُ:[لا يَستَوي] بيَّنَ رَحِمَهُ اللهُ أن الاستِفْهام في قوله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِيَانِ} للنَّفيِ حيث فسَّره بنَفيٍ أيضًا.
وقوله رَحِمَهُ اللهُ:[لا يَستَوِي العَبْد لجَماعة والعَبْد لواحِد] صحيح، لأنه لا يَستَوِي العَبْد لواحِد يَتصَرَّف فيه متى شاء، فمتى شاء قال: اخدُمْني. ومتى شاء قال: استَرِحْ. ومتى شاء باعَهُ، ومتى شاء أَجَّره، لا يَستَوِي العبد لجماعة مُتَشاكِسين أخلاقُهم سَيِّئة، تَنازُعُهم دائِمٌ، فلو قال أحَدهم: تعالِ اخْدُمْني. وقال الثاني: اخدُمْني أنا. وقال الثالِث: اخدُمْني أنا. وقال الرابعُ: اخدُمْني أنا!! صار أحَدُهم أخَذ باليَد اليُمنى والثاني باليَد اليُسرى والثالِث بالرِّجْل اليُمنى والرابِع بالرِّجْل اليُسرى، ثُم مزَّعوا العبد؛ لأن كلَّ واحِد يُريد أن يَكون عنده هو الذي يَخدُمه.
كذلك أيضًا في البيع لو أَراد أحدُهم: قال أنا أُريد بَيعَه. وقال الثاني: لا أُريدُه. والثالِثُ قال: أنا أُريد تَأجيرَه. والرابِعُ قال: أُريد إعارَتَه؛ فدائِمًا في نِزاع وشِقاق، فالعَبْد نَفسُه في قلَق وفي حَيْرة وفي بلاء، والشرَكاء أيضًا كذلك مُتَشاكِسون دائِمًا، لا يُمكِن أن يَستَوِيَ هذا مع رجُل، وهذا لا شَكَّ أنه مثَل تَقريبي، وإلَّا فالفَرْق عظيم بين عِبادة الله عَزَّ وَجَلَّ وعِبادة غيرِه معَه، فالله تعالى أَعظَمُ، ولكنه يُقرِّب هذا للعِباد كما قرَّب المَعاد بالماء يَنزِل من السَّماء ثُم تَنبُت به الأرض، إذ يَبقَى نبات الأرض بعد نُزول المطَر مُدَّة حسَب الأرض وحسَب كَثْرة المطَر وحسَب الجَوِّ المُناسِب وحسَب