وقوله تعالى:{تَخْتَصِمُونَ} عِنده أيُّكم على الحقِّ، ونحن نَعلَم الآنَ نَتيجةَ هذه الخُصومةِ مَن سيَغلِب؟
الجَوابُ: المُؤمِنون لا شَكَّ؛ قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}[النساء: ١٤١]؛ فالكافِر لا سبيلَ له على المُؤمِن، فالنتيجةُ - والحمد لله تعالى - مَعلومة أن المُؤمِنين همُ الغالِبون يوم القِيامة وهُمُ الخاصِمون لأَعدائِهم.
فقوله تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{إِنَّكَ} الخِطاب للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -].
وقوله تعالى: [{مَيِّتٌ} أي: [ستَموت]، وقوله تعالى:{وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [ستَموت ويَموتون]، وكما يَقول العامَّة عِندنا: الوَعْد قُدَّام. قُدَّام يَعنِي: يوم القِيامة؛ لأن الله تعالى يوم القيامة يَفصِل بين العِباد سَوْف يَتَنازَع الناس في أعمالهم ودِياناتهم ويَتَنازَعون في حُقوقهم الخاصَّة، فيَفصِل الله تعالى بينهم يوم القِيامة؛ يَقول رَحِمَهُ اللهُ:[فلا شَماتةَ بالمَوْت] يَعنِي: أنك إذا مِتَّ فلا شَماتةَ عليك؛ لأنهم سيَموتون مِثْلك.
ثُمَّ قال رَحِمَهُ اللهُ:[نزَلَت لمَّا استَبْطَؤوا مَوْته - صلى الله عليه وسلم -] يَعنِي: أن سبَب نُزولها أن قُرَيْشًا استَبْطؤوا موت النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فنَزَلت هذه الآيةُ تُخبِره أنه سيَموت، وإذا مات فهم أيضًا سيَموتون ويَختَصمون يوم القِيامة.
ولكن هذه الدَّعوى تَحتاج إلى دَليل؛ لأننا إن نظَرْنا في سبَب النُّزول لا نَجِد هذا، فإذا كان كذلك فلا يَنبَغي أن نَتخَيَّل سببًا للنُّزول في مَعنَى آية من كِتاب الله تعالى؛ لأنَ سبَب النُّزول خبَر مَحضٌ، والخبَر المَحضُ لا دَخلَ للعَقْل فيه، ولكننا