للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن ذلك مثَلًا: كَعبُ بنُ مالِك - رضي الله عنه -، فقد جاء بالصِّدْق حين تَخلَّف عن غزوة تَبوكَ، وأَخبَر بالصِّدْق (١) وأمَرَنا الله عَزَّ وَجَلَّ أن نَكون معهم لمَّا ذكَر قِصَّتهم قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: ١١٩].

وقوله: {وَصَدَّقَ بِهِ} أي: صدَّق بالصِّدق الذي قامَتِ البَيِّنة على صِدْقه، والصِّدْق هو مُطابَقة الواقِع للخبَر، والكذِب مخُالَفته، يَعنِي: مَن أَخبَر بما يُطابِق الواقِع فهو صادِق، ومَن أَخبَر بما يُخالِف الواقِع فهو كاذِب.

وقوله تعالى: {وَصَدَّقَ بِهِ} أي بما قامَتِ البَيَّنة على صِدْقه، {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} يَعنِي: الذين اتَّقَوُا الله عَزَّ وَجَلَّ فلم يَقولوا كذِبًا واتَّقَوا الله عَزَّ وَجَلَّ ولم يَردُّوا صِدْقًا.

يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} وهو النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -]، وهذا تَخصيصٌ للعُموم بما لا دَليلَ عليه، والذي يَنبَغي إذا جاء القُرآن عامًّا إبقاؤُه على عُمومه، بل هو الواجِب أن يَبقَى على عُمومه إلَّا بدَليل، وهنا ليس هناك دَليل يَجعَل هذا خاصًّا بالنبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فالواجِبُ: أن نَجعَله عامًّا؛ لأن حَمْله على الخاصِّ بلا دَليلٍ قُصورٌ في مَدلول القُرآن.

إِذَنْ: يَشمَل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وغيرَه.

وقوله تعالى: {وَصَدَّقَ بِهِ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [وهُمُ المُؤمِنون] هذا أيضًا


(١) أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب حديث كعب بن مالك، رقم (٤٤١٨)، ومسلم: كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه، رقم (٢٧٦٩)، من حديث كعب بن مالك - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>