الجَوابُ: نعَمْ هذا مُخوَّف بالذين من دون الله تعالى، فالآية عامَّة ولا يَنبَغي أن نُخصِّصها، كما ذهَب إليه المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ.
قال تعالى:{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}: (مَن) شَرْطية فتُفيد العُموم؛ فمَن يُضلِل اللهُ تعالى فما له مِن هادٍ يَهديهِ.
وقوله تعالى:{فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} الجُمْلة هذه اسمِيَّة مُكوَّنة من مُبتَدَأ وخبَر؛ فإن قال قائِل: عجَبًا أن نَقول: إنها مُكوَّنة من مُبتَدَأ وخبَر، ونحن لا نَجِد فيها لا مُبتَدَأ ولا خبَرًا، أين الاسمُ المرفوعُ والمَعروف أن المُبتَدَأ والخبَر يَكونان مَرفوعَيْن، وهنا ليس هناك شيءٌ مَرفوع؟
فالجَوابُ: أن نَقول: (ما) نافية، و {لَهُ} جارٌّ ومَجرور خبَر مُقدَّم و {مِنْ هَادٍ} مُبتَدَأ مُؤخَّر، ونُعرِب {مِنْ هَادٍ} فنَقول: {مِنْ} حرف جَرٍّ زائِدٌ، و {هَادٍ} اسمٌ مَجرور بـ {مِنْ} لَفظًا، وهو مُبتَدَأ مَرفوع بضَمَّة مُقدَّرة على الياء المحذوفة منَعَ من ظُهورها التِقاء الساكِنين، وهُما سكون الياء المَحذوفة، ونون التَّنوين؛ لأنه ليس هناك حرَكة على الياء هنا، بل على الياء المحذوفة؛ لالتقاء الساكِنَيْن، والتي قُدِّرت عليها الكَسْرة لمُناسَبة حَرْف الجرِّ الزائِد؛ وإلَّا يَكفي أن نَقول:{مِنْ} حَرْف جَرًّ زائِدٌ، و {هَادٍ} مُبتَدَأ مَرفوع بضَمَّة مُقدَّرة على الياء المَحذوفة لالتِقاء الساكِنَيْن، ونَنْتَهي لأن حَرْف الجَرِّ الزائِدَ في مثل هذه الكلِمةِ لا يَظهَر.
وقوله تعالى:{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} يَعنِي: مَن يُقدِّر الله تعالى ضلالَه فإنه لا أحَدَ يَهديه مَهما اجتَمَعَتْ عليه الأُمَّة، وها هو أَعظَمُ الخَلْق في الهِداية والدَّلالة مُحمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - حرَص غاية الحِرْص لهِداية عمِّه أبي طالِب إلى آخِر أَنْفاسه، ولكن لم يَهتدِ؛ لأن الله عَزَّ وَجَلَّ كتَبَ عليه الضَّلالة فكان آخِرُ ما قال أَنْ شهِد شهادة الكُفْر، فقال: