للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو الله تعالى، وليس لنا حَسْبٌ سِوى الله تعالى، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَسْبنا وكافينا.

وقوله تعالى: {عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} التَّوكُّل هو الاعتِماد على الله عَزَّ وَجَلَّ اعتِمادًا حَقيقيًّا صادِقًا في جَلْب المَنافِع ودَفْع المَضارِّ مع الثِّقة به، هذا هو التَّوكُّل، وهو من العِبادة الخاصَّة بالله تعالى كما قال الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: ١٢٢]، أي: على الله تعالى وحدَه.

وأمَّا تَوكُّل غير العِبادة فإنه يَجوز للإنسان أن يَتوكَّل على غيرِه فيما وكَّله فيه، كما لو قُلْت لفُلان: وكَّلْتُك أن تَشتَريَ لي كذا وكذا. فاعتَمَدْت عليه في الشراء، وهذا ليس تَوكُّلَ عِبادة؛ لأن المُتوكِّل في هذه الصورةِ لا يَشعُر بأنه أَدنى مَرتَبةً من الوكيل، بل قد يَشعُر بأنه أَعلى مَرتَبة؛ لأنه جعَل ذلك خادِمًا له مُنفِّذًا لما يَقول، أمَّا التَّوكُّل على الله تعالى فإنك تَتَوكَّل على الله تعالى مُعتَقِدًا في نَفْسك أنك مُضْطَرٌّ إليه، وأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو الذي بيده تَصريف أُمورك فتَتَوكَّل عليه رغبةً ورَهبةً وتَقرُّبًا إليه.

ولهذا نَقول: هل يَجوز أن أَقول: تَوكَّلت على فُلان؟

الجَوابُ: إن كان ذلك على وجه العِبادة فهذا حَرام وشِرْك، وإن كان على وجه الإنابة أي: أَنَبْته مَنابي فيما أَوْكَلته فيه فهذا لا بأسَ به ولا حرَجَ، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُوكِّل أصحابه في قَبْض الزَّكَوات وتَصريفها وغير ذلك (١).

يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ} لام قَسَم {سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ}] يَعنِي: إذا أَقرُّوا بهذا الإقرارِ [{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ} تَعبُدون {مِنْ دُونِ اللَّهِ} أيِ: الأصنام] يَعنِي: أَخبِرونا عنها [{إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ


(١) من ذلك ما أخرجه البخاري: كتاب الهبة، باب من لم يقبل الهدية لعلة، رقم (٢٥٩٧)، ومسلم: كتاب الإمارة، باب تحريم هدايا العمال، رقم (١٨٣٢)، من حديث أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>