الصِّفاتِ لزِمَ أن يَكون ذا أعضاءٍ، وهو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يَتَقسَّم، فهو واحِدٌ في ذاته، لا قَسيمَ له، واحِدٌ في أفعاله، لا شريكَ له، ثُمَّ يَجعَلون هذا النوعَ من التَّوْحيد هو توحيدَ الأُلوهية، فتقولون: مَعنَى قول القائِل: (لا إلهَ إلَّا الله) أي: لا قادِرَ على الخَلْق والاختِراع إلَّا الله تعالى.
وأمَّا قولهم:(واحِدٌ في صِفاته لا شبيهَ له) كلام ظاهِره فيه الرَّحْمة وباطِنه من قِبَله العَذاب، فماذا يَعنون بقولهم:(لا شَبيهَ له)؟
الجَوابُ: أي: لا صفاتِ له؛ لأنهم يَعتَقدون أن كل مَن أَثبَت لله صِفة فهو مُشبِّه، فهو واحِدٌ في صِفاته لا شبيهَ له، هذا التنويعُ لو قرَأْتَه على عامِّيٍّ سيَقول: ما أَحسَنَه! ما أَجمَلَه! واحِدٌ في ذاته لا قَسيمَ له! سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى! ويُسبِّح ويُهلِّل، واحِدٌ في أَفعاله لا شريكَ له كذلك! واحِدٌ في صِفاته لا شبيهَ له كذلك! لكن لا يَدرِي أن وراءَ الأَكَمة ما وراءَها!!.
بل هم يُريدون بقولهم:(واحِدٌ في ذاته لا قسيمَ له) أي: ليس له صِفاتٌ هي بالنسبة إلينا أعضاء مثل: اليَدِ والوَجْه والعَيْن والقدَم والساق، وبقولهم:(واحِدٌ في أفعاله لا شريكَ له) يُريدون بذلك أن هذا هو مَعنى: (لا إلهَ إلَّا الله)، ولو كان هذا هو مَعنَى (لا إلهَ إلَّا الله) لكان المُشرِكون الذين قاتَلهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - مُؤمِنين مُوحِّدين، وهم كانوا إذا قيل لهم: لا إلهَ إلَّا الله. يَستَكْبِرون، ولا يَقبَلون هذا، ويَقولون: أَجعَلَ الآلِهة إلهًا واحِدًا. فتَأمَّل كيف كان المُشرِكون في الجاهلية يَفهَمون من التَّوحيد ما لا يَفهَمه هؤلاءِ المُتكَلِّمون.
وقد ذكَر شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّةَ (١) رَحِمَهُ اللهُ وغيره هذا المَعنَى، وقالوا: المشُرِكون