للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خيرٌ في فَهْم التَّوْحيد من هَؤلاء المُتكَلِّمين؛ لأن هؤلاءِ المُتكلِّمِين جعَلوا التوحيد هو تَوحيدَ الربوبية فقَطْ، وهذا لا يُنكِره المُشرِكون يُقِرُّون به، ويُنكِرون توحيدَ الأُلوهية؛ لأنهم يَعرِفون أن معنى: (لا إلهَ إلَّا الله) لا مَعبودَ حقٌّ إلَّا اللهُ، يعرفون هذا، أمَّا أُولئك المُتكلِّمون فإنهم لا يُقيمون للأُلوهية وزنًا، يَجعَلونها خارِجًا لا يُدخِلونها في أنواع التوحيد، فيَعنُون بقولهم: (واحِدٌ في صِفاته لا شريكَ له لا شبيهَ له) تَعطيل الصِّفاتِ؛ لأنهم يَدَّعون أن كل مَن أَثبَت لله تعالى صِفة فهو مُشبِّه.

فهذه الآيةُ تُبيَّن الردَّ على أولئك المُتكَلِّمين الذين يَجعَلون توحيد الأُلوهية هو توحيدَ الربوبية، ويَأتي - إن شاء الله تعالى - بقِيَّة الكلام عليه.

فائِدةٌ: مُقاتَلة المُسلِم ليسَتْ كمُقاتَلة الكافِر، فمُقاتَلة المُسلِم تُقاتِله لأنه أخَلَّ بشَعيرةٍ من شَعائر الإسلام، ولا تَستَبيح نِساءه وذُرِّيَّته وأَرضَه، لكن مُقاتَلة الكافِر تُقاتِله لأنه ترَك الإسلام كلَّه؛ ولهذا تَستَبيح نِساءه وذُرِّيَّته وأرضَه.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: وجوب إفراد الله تعالى بالتَّوكُّل على الله تعالى؛ في قوله تعالى: {عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} للحَصْر، بطريق تَقديم المَعمول عليه.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن ما يُعبَد من دون الله تعالى لا يَنفَع عابده بجَلْب نَفْع ولا بدَفْع ضَرَر؛ لقوله تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ}.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إثبات الإرادة لله تعالى؛ لقوله تعالى: {إِنْ أَرَادَنِيَ}، {أَوْ أَرَادَنِي}، وإرادة الله عَزَّ وَجَلَّ تَنقَسِم إلى قِسْمين:

أ - إرادةٌ شَرْعية.

ب - وإرادةٌ كَوْنيةٌ قدَرية.

<<  <   >  >>