للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأسباب من التَّوكُّل في الواقِع؛ ولهذا قال عُمرُ بن الخَطَّاب لأبي عُبيدةَ بنِ الجرَّاح - رضي الله عنهما - لمَّا قال: "أَفِرارًا من قَدَر الله؟ قال: نَفِرُّ من قَدَر الله إلى قدَر الله" (١)، والله تعالى أَعلَمُ.

مَسأَلة: هل العاصِي التائِب إلى الله أَفضَلُ أم الذي لم يَعصِ الله عَزَّ وَجَلَّ؟

الجَوابُ: أَقول: الذي لم يَعصِ الله تعالى أحسَنُ؛ لأن العاصيَ ربما لا يُوفَّق للتوبة، لكن الإنسان يَشعُر من نفسه أنه إذا عصَى ثُمَّ تاب أنه خجِل من الله تعالى ورجَع إليه واستَحْيا منه، لكن إذا كان سائِرًا على الطاعة مُستَمِرًّا لا يَجِد لذَّة التَّوْبة، وهذا شيء مُجرَّب ومُشاهَد.

مَسأَلة أُخرى: هل الأدويةُ الموجودةُ الآنَ هل هي ثابِتة بالتَّجارِب؟

الجوابُ: نعَم، ولا شكَّ، والمريض يَعلَم أنها ثابِتة أيضًا؛ لأنه واثِق بأهل الطِّبِّ، فهو يَدرِي أنها مُفيدة، فأهل الطِّبِّ الآنَ لا يُمكِن أن يُنزِلوا للسُّوق أدوية إلَّا بعد أَخْذ تَجارِبَ عليها كثيرًا، فيُجرِّبونها على الفِئْران، وعلى الأرانِب، وعلى الكِلاب، ويُجرُونها خُصوصًا في الأمراض المُستَعْصية، فلا تَظُنَّ أن الواحِد منهم يَعجِن هذه الحُبوبَ ويُعطيك إيَّاها مُباشَرةً!

فإن قيل: لكن أَحيانًا لا يَجِد الإنسان نَتيجة من بعض الأدوية فماذا يَفعَل؟

فالجَوابُ: في الأصل أن الدواء لا بُدَّ أن يُصيب مَحلًّا قابِلًا، فإذا لم يُصِب مَحَلًّا قابِلًا ما نفَع، وهذا مَوْجود، حتى القِراءة على المريض التي ثابِتٌ أنها سبَبٌ ولا شكَّ


(١) أخرجه البخاري: كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون (٥٧٢٩)، ومسلم: كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة، رقم (٢٢١٩)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.

<<  <   >  >>