للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَعنِي: (على حالَتي)، والتَّقدير على مَكانَتي.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ}: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} هذه جُملة مُحقَّقة؛ لدُخول {سَوْفَ} عليها، فإن {سَوْفَ} تُحقِّق الجُملة كما تُحقِّقها السِّين، لكن الفَرْق: أن السِّين تُفيد ذلك عن قُرْب، و {سَوْفَ} تُفيده عن مُهْلة؛ ولهذا يُقال: السِّين للتَّنْفيس، و {سَوْفَ} للتَّسويف، أيِ: التأخير والتَّنفيس القُرْب.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ}: {مَنْ} هذه مَفعول {تَعْلَمُونَ}، والعِلْم هنا بمَعنى المَعرِفة؛ ولهذا لا تَنصِب إلَّا مفعولًا واحدًا كما قال ابنُ مالِك رَحِمَهُ اللهُ:

لِعِلْمِ عِرْفَانٍ وَظَنٍّ تُهْمَهْ ... تَعْدِيَةٌ لِوَاحِدٍ مُلْتَزَمَهْ (١)

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {تَعْلَمُونَ} أي: تَعرِفون {مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} أي: ستَعلَمون الذي يَأتيه عذابٌ يُخزيه، والعَذاب هو العُقوبة، والخِزيُ مَعناه: الذُّلُّ والعار، وقوله تعالى: {وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} أي: يَنزِل عليه عذابٌ مُقيم لا يُفارِقه، والمَعنَى العامُّ: (سوف تَعلَمون هذا: هل هُو لَنا نَحن أم لكُم؟) ولكِنَّهم سوف يَعلَمون ذلك في وقتٍ لا يَتَمكَّنون فيه من الخَلاص، وإنما يُنادون بالوَيْل والثُّبور - والعِياذُ بالله تعالى -.

فقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{مَنْ} مَوصولة مَفعول للعِلْم] فلو قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: مَفعول


(١) الألفية (ص ٢٤).

<<  <   >  >>