للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإجماع كذلك، فقد أَجمَع السلَف على ذلك، وما منهم من أحَد قال بخِلافه أبَدًا؛ والقاعِدة في هذا: أنه إذا دَلَّ الكِتاب والسُّنَّة على شيء ولم يُعلَم أن أحَدًا من السلَف الصحابة والتابعين قال بخِلافه فإنهم لا يَقولون بسِواه، وهذه فائِدة مُهِمَّة؛ يَعنِي: قد يَقول قائِل: أين الدليلُ على أن الصحابة يَرَوْن أن الله تعالى اسْتَوى على العَرْش أي: علا عليه؟ هل أحَدٌ فسَّره بذلك؟

فنَقول: ما دام قد ثبَتَ في القُرآن والسُّنَّة ولم يَرِد عنهم خِلافه فهم قد قالوا به؛ لأنهم يَأخُذون بدَلالة القُرآن التي أُمِروا أن يَأخُذوا بها.

إِذَنْ: نَأخُذ من هذا إجماعَ الصحابة على عُلوِّ الله تعالى، وكذلك التابِعون لهم بإحسان، والأئِمَّة من بعدهم، لم يَأتِ حرفٌ واحِد عن أحدٍ منهم أنه قال بخِلاف ذلك.

والأدِلَّة العَقْلية على عُلوِّ الله عَزَّ وَجَلَّ أن يُقال: العُلوُّ إمَّا صِفة نَقْص أو كَمال، ولا أحَدَ يَشُكُّ أنه صِفة كَمال فوجَب ثُبوته لله عَزَّ وَجَلَّ؛ لأن الربَّ عَزَّ وَجَلَّ قد وجَبَت له صِفاتُ الكَمال عَقْلًا.

وأمَّا الفِطرة فإن الناس مَفطورون على أنهم إذا سأَلوا الله تعالى شيئًا إنما تَرتَفِع قلوبهم نحو السماء، وهذا أمرٌ لا يُنكِره أحَد.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: فضيلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث كان إنزال هذا القُرآنِ العَظيم عليه، وقد قال الله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤].

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن القُرآن نزَلَ لمَصلَحة الخَلْق؛ لقوله تعالى: {لِلنَّاسِ}، فالقُرآن لم يَنزِل ضِدَّ مَصالِح الخَلْق، بل نزَل لمَصالِح الخَلْق؛ ولهذا قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ}.

<<  <   >  >>