بأيديهم، والطيور برِماحهم لا بسِهامهم فكانوا لا يَحتاجون إلى سِهام، فابتَلاهمُ الله بذلك؛ ليَعلَم مَن يَخافُه بالغَيْب، وعلى هذا فقد يَبتَلي الله تعالى العبد بتَيْسير أسباب المَعصية له حتى يَعلَم سُبْحَانَهُ وَتَعَالى هل يَصبِر أو يُقدِم؛ لأن بعض الناس قد يُخفَّف عليه تَرْكُ المعصية صعوبتها عليه، فبعض الناس يَترُك المَعصية لأنها صَعْبة عليه تَحتاج إلى عمَل، أو تَحتاج إلى مال، لكن إذا سهُلت ثُمَّ ترَكها علِمَ أن الرجُل صادِق في إيمانه.
إِذَنْ: فهِمْنا الجوابَ على قوله تعالى: {قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ} أن ما وقَعَ ممَّا يُظَنُّ أنه بسبَب هذه الآلهةِ فقد حصَل عندها لا بها.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: انتِفاء العَقْل عن هذه المَعبوداتِ، وهذا فيمَن يَعبُد مَن لا عَقلَ له كالأصنام والأشجار؛ لقوله تعالى:{وَلَا يَعْقِلُونَ}.
وعليه إذا قيَّدْنا المسألة بمَن يَعبُد الأصنام والأشجار وما أَشبَهَها لا يَرِد علينا أن قومًا عبَدوا المسيحَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلَامُ، والمَسيح عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلَامُ من أَكمَل الناس عَقْلًا لأنه أحَدُ أُولي العَزْم من الرُّسُل، بأن نَقول: يُريد الله تعالى بهذا الأصنامِ الجَماد التي لا تَعقِل.