للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أُمَّته والذين من غير أُمَّته، وفي هذا اليومِ شَفاعة فيمَن دخَل النار أن يَخرُج منها، وفيمَن استَحَقَّها أن لا يَدخُلها.

وهذه الشفاعةُ نَوعان: شَفاعة فيمَن دخَلها أن يَخرُج منها، وفيمَنِ استَحَقَّها أن لا يَدخُلها، وهذه عامَّة للرُّسُل، والصِّدِّيقين، والشُّهَداء، والصالِحين، والمَلائِكة، والبشَر عامة، لكن يُنكِرها طائِفتان من طوائف الضَّلال من هذه الأُمَّةِ وهُما المُعتَزِلة والخَوارِج؛ لأنهم يَقولون: إن فاعِل الكبيرة مُخلَّدٌ في النار، مَحكومٌ عليه بذلك قَضاءً وقدَرًا، وإذا كان كذلك فلن يَتَخلَّف هذا القضاءُ، ولا يُمكِن أن يَخرُجوا من النار.

والشفاعة الرابِعة في دُخول الجَنَّة، إذا عبَر الناس الصِّراط - أَسأَل الله تعالى أن يَجعَلنا وإيَّاكم ممَّن يَعبُره سَليمًا - إذا عبَروا الصِّراط لا يَدخُلون الجَنَّة مُباشَرة، بل يُوقَفون عند قَنْطرة وهي طرَف الجِسْر الذي على النار أو غيرها - الله تعالى أَعلَمُ - فيُقتَصُّ لبعضهم من بعض، وهذا قِصاص تَنْقية، والقِصاص السابِق في عَرَصات القِيامة قِصاص تَخْلية، يَعنِي: في عرَصات القِيامة يُقتَصُّ للمَظلوم من الظالِم، أمَّا هذا فهو قِصاص تَنْقية، يُنقَّوْن حتى يَزول ما في قلوبهم من غِلٍّ وحِقْد؛ لأنه ليس القضاء للشَّخْص بحَقِّه مُزيلًا للحِقد والبَغْضاء.

نعَمْ، ربَّما قد أَقول: أنا اعتُدِيَ عليَّ وأَخَذْت حَقِّي الآنَ منه، لكن بقِيَ أثَرُ هذا العُدوانِ في قَلْبي، هذا مَوْجود ولا أحَدَ يُنكِره، لكن المُوفَّق يَسعَى في زواله، وإنما لا بُدَّ أن يَبقَى أثَرُ الجُرْح حتى ولو بَرِئ، وهل إذا بَرِئ الجُرْح يَعود الشيء كما كان؟ بل يَصير فيه بُقَع، فلا بُدَّ أن يُؤثِّر العُدوان، ولوِ اقتَصَّ الإنسان لنَفْسه من قلب الإنسان، فهُمْ إذا اقتُصَّ لبعضهم من بعض في يوم القيامة في عرَصات القيامة وعبَروا الصِّراط يَحتاجون إلى تَنْقية تُنقَّى وتُصفَّى قلوبهم حتى يَدخُلوا الجَنَّة - وما في قُلوبهم

<<  <   >  >>