وقوله تعالى:{الرَّحِيمُ} أي: ذو الرحمة التي يَحصُل بها المَطلوب، فالرَّحْمة يَحصُل بها المَطلوب، والمَغفِرة يَزول بها المَرهوب، فالجَمْع بين الاسمَيْن الكريمين يُفيد السَّعادة الكامِلة، فالنَّجاة من المَرهوب في قوله تعالى:{الْغَفُورُ}؛ لأن هذا مَغفِرة للذَّنْب، وحُصول المَطلوب في قوله تعالى:{الرَّحِيمُ}؛ لأن الرحمة يَحصُل بها المَطلوب والخَيْرات والنِّعَم، وبزَوال المَرهوب وحُصول المَطلوب يَتِمُّ الفَوْز، قال الله جَلَّ وَعَلَا:{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}[آل عمران: ١٨٥] فقوله تعالى: {زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ} فيه النَّجاة من المَرهوب؛ وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ} فيه حُصول المَطلوب {فَقَدْ فَازَ}.
وقوله تعالى:{إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}: {الْغَفُورُ} مَعناه: الذي يَستُر الذَّنْب ويَتَجاوَز عنه، وهو مُشتَقٌّ من المِغفَر وهو الذي يَستُر الرَّأْس ويَقيه.
وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [{إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} لمَن تاب مِن الشِّرْك]، وكذلك مَن تاب مِن غيره ممَّا دونَه، لكن ذَكَر المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ الشِّرْك؛ لأنه أَعظَمُ الذُّنوب؛ ولأنه لا يُغفَر إلَّا بتَوْبة، وإذا تاب الإنسان من الشِّرْك وبَقِيَ على شيء من المَعاصي كان يَقوم بها في حال كُفْره، فهل تُغفَر هذه المَعاصِي أو لا بُدَّ لها من تَوْبة؟
الصحيحُ: أنه لا بُدَّ لها من تَوْبة كما لو كان يَشرَب الخَمْر وهو كافِر، ثُم أَسلَم وبَقِي على شُرْب الخَمْر، فإن إسلامه لا يُوجِب أن يَسقُط عنه إِثْم شُرْب الخَمْر؛ لأنه