على المَغفِرة ويَدُلُّ على العِلْم؛ لأنه لا يَغفِر ما لا يَعلَمه، ودَلالته على العِلْم من باب دَلالة الالتِزام؛ لأن المادَّة (غ. ف. ر) ليس فيها (ع. ل. م)، فيَكون هذا من باب الالتِزام.
إذَنِ:(الغَفور) اسمًا، و (المَغفِرة) وَصْفًا، و (يَغفِر الذُّنوب) حُكْمًا، وكذلك نُؤمِن بـ (الرحيم) اسمًا، وبـ (الرحمة) صِفة، وبأنه (يَرْحَم) حُكْمًا. غفَرَ الله تعالى لنا ولكُمْ ورَحِمنا وإيَّاكم.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: أن أحكام الله تعالى من مُقتَضى أسمائه وصِفاته أحكامٌ جَزائية؛ فلِكَوْنه غَفورًا رحيمًا كان ذا مَغفِرة فغفَر لمَنْ تاب.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: الإشارة إلى أن الإنسان بعد التَّوْبة قد يَكون خَيْرًا منه قبلَها وقبل فِعْل الذَّنْب؛ لقوله تعالى:{الرَّحِيمِ}؛ لأن الرحمة تَقتَضي عَطاءً جديدًا، وهذا هو المُشاهَد، فإن الله عَزَّ وَجَلَّ ذكَر عن آدَمَ أنه لمَّا عصَى ربَّه وغوَى وتاب قال:{ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}[طه: ١٢٢]، وهذه المَنقَبة - وهي الاجتِباء والهِداية - لم تُذكَر له قبلُ.
والإنسان إذا أَذنَب ونَدِم يُحِسُّ من نَفْسه رجوعًا إلى الله تعالى وشِدَّة افتِقاره إليه، بخِلاف ما إذا كان مُستَقيمًا على طاعة الله تعالى فإنه لا يُحِسُّ بالرجوع إلى الله عَزَّ وَجَلَّ والإنابة إليه، وربما يُصاب بالغُرور بأنه لم يُذنِب؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مُسلِم:"لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ ثُمَّ جَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ وَيَسْتَغْفِرُونَ الله فَيَغْفِرُ لَهمْ"(١).
(١) أخرجه مسلم: كتاب التوبة، باب سقوط الذنوب بالاستغفار توبة، رقم (٢٧٤٩)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.