والفَرْقُ بين الإرادة الشَّرْعيَّة والكَوْنِيَّة من وجهين:
الوجه الأول: أنَّ الإرادَة الكَوْنِيَّة شامِلَة لما يحبُّه الله وما لا يحبُّه؛ فهو يريد الإيمان ويريد الكُفر، ويريد الطَّاعة ويريد الفِسْق، بالإرادة الكَوْنِيَّة؛ أما الإرادة الشَّرْعيَّة فإنها لا تتعلَّق إلا بما يحبه فقط، فلا يمكن أن تقول: إنَّ الله يُريدُ الفِسْقَ؛ أي: يحبُّه، هذا مستحيلٌ.
الوجه الثاني: الإرادة الكَوْنِيَّة لا بد فيها من وقوع المرادِ، يعني إذا أراد شيئًا كونًا لا بُدَّ أن يقع، والإرادة الشَّرْعيَّة قد يقع وقد لا يقع، فيريد منَّا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الإيمانَ والطَّاعة، فقد تُوجَد وقد لا تُوجَد.
وهذا هو الفرق بينهما، وبهذا تَنْحَلُّ إشكالاتٌ أوردها القَدَرِيَّة على أهل السُّنَّة، فقالوا لهم: إذا أثبَتُّم تعلُّقَ إرادة الله بكل شيء حتى في المعاصي لزمكم أنَّ الله يريد الشَّرَّ، فيكون الله - على تقدير قولهم -: شِرِّيرًا! نسأل الله العافِيَة!
ونقول: أما الإرادة الشَّرْعيَّة فإن الله لا يمكن أن يريد الشَّرَّ أبدًا، وأما الإرادة الكَوْنِيَّة فإنه يريد ما شاء، لكنَّ إرادته كونًا للشَّرِّ لها حكمة بالغةٌ كثيرة معروفة.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: تنزيهُ الله عَزَّ وَجَلَّ عن كلِّ ما وصفه به الكافرون الجاحدون؛ لقوله:{سُبْحَانَهُ}.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إثبات ثلاثة أسماء من أسماء الله: (الله، والواحد، والقهَّار)، وكل اسمٍ يُثْبِتُه الله لنفسه فإنه يتضمَّن الصِّفَة التي اشْتُقَّ منها؛ فـ {الله} مُشْتَق من الأُلوهِيَّة ففيه إثباتُ الأُلوهِيَّة صفةً من صفاتِهِ، {الْوَاحِدُ}: من الوحدانِيَّة، ففيه إثبات الوحدانِيَّة لله عَزَّ وَجَلَّ، {الْقَهَّارُ}: من القهر، ففيه إثباتُ القهر لله عَزَّ وَجَلَّ، وأنه القهَّار الغلَّاب الغالِب لكلِّ شيءٍ.