للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا شَكَّ أن المُكذِّب للخبَر كافِر سواءٌ كذَّب الخبَر المُتواتِر المَقطوع به، أو كذَّب خبَر الآحاد، فإنه يَكون كافِرًا، لكن تكذيب خبَر الآحاد يُشتَرَط لتَكفيره أن يَقول: نعَمْ، قال الرسولُ كذا، ولكنه غيرُ صحيح، أمَّا لو قال: لم يَقُلِ الرسول كذا، وهو خبَرُ آحاد. فهذا لا نَحكُم بكُفْره؛ لأنه يُمكِن أن يَكون أَنكَره؛ لعدَم ثُبوته عِنده، لكن لو قال: أنا أَقول: إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَا صَلَاةَ لمَنْ لَا وُضوءَ لَهُ" (١)، ولكني أَقول: هذا ليس بصحيح، فحُكْم هذا الكُفرُ ولا شَكَّ؛ لأن هذا تَكذيبٌ صريح للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بعد أن عَلِم أن الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - قاله، بل بعد أن أَقَرَّ هو بنَفْسه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قاله.

وعلى هذا فإذا قال لك قائِل: هل يَكفُر من كذَّب أخبار الآحاد؟ فيَجِب أن تُفصِّل، وتَقول: إن قال: نعَمْ قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كذا، ولكن لا قَبولَ وليس بصِدْق. فهذا كافِر بلا شَكٍّ.

أمَّا إذا كذَّب دون أن يَقول مثل ذلك فإننا لا نُكذِّبه؛ لاحتِمال أن يَكون تَكذيبه لعدَم ثُبوت الخبَر عنده وهي شُبهةٌ تَرفَع عنه الحُكْم بالكُفْر؛ لأن الحُكْم بالكُفْر ليس بالأمر الهَيِّن وهو إخراج الإنسان من نِطاق الإسلام إلى نِطاق الكُفْر.


(١) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ٤١٨)، وأبو داود: كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، رقم (١٠١)، وابن ماجه: كتاب الطهارة، باب ما جاء في التسمية في الوضوء، رقم (٣٩٩)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>