وقوله تعالى:{تَرَى الَّذِينَ} الخِطاب لكل مَن يَصِحُّ خِطابه، فيَعُمُّ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وغيره ممَّن يَصِحُّ توجيه الخِطاب إليهم.
والرُّؤية هنا رُؤيةٌ بصَرية؛ لأن السَّواد لون، والرُّؤية باللَّون هي رُؤيةٌ بصَرية؛ لأن الألوان تُرى ولا تُعقَل؛ يَعنِي: تُدرَك بالرؤية لا بالعَقْل.
قوله تعالى:{كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ} بكل أنواع الكذِب، فكلُّ مَن كذَب على الله تعالى فإن وجهَه سيَكون مُسوَدًّا يوم القيامة، وذلك [بنِسبة الشَّريك له]، كما قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ [بنِسْبة الولَد له]، كما قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ أيضًا، وبنِسبة الجَوْر له، وبنِسْبة الظُّلْم، وبأي شيء يَكذِب على الله تعالى، فإن الذين يَكذِبون على الله تعالى ستَكون وجوهُهم يوم القِيامة مُسوَدَّة، حتى لو كانوا في الدُّنيا بِيضًا فإنهم يَأتون يوم القيامة وجوهُهم مُسوَدَّة - والعِياذُ بالله -.
قال تعالى:{تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} ولم يَقُل: تَرَى وجوهَ الذين كذَبوا على الله مُسوَدَّة؛ لأن التَّركيب المَذكور في القُرآن أَبلَغُ في الإثبات؛ حيث جعَل هذا الوَصْفَ - أَعنِي: سَواد وجوهِهم - مُكوَّنًا من جُملة واحِدة؛ لأن الجُملة الاسْمِيَّة تُفيد الثُّبوت والاستِمْرار، بخِلاف الجُمْلة الفِعْلية فإنها تُفيد التَّجدُّد والحُدوث.
فـ {تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ} ترَى نفس الإنسان وجهُه مُسوَدٌّ، لكن لو قال: تَرَى وجوه الذين كذَبوا على الله تعالى مُسوَدَّة لم تَحصُل هذه الفائِدة.
إذن: هذا التركيبُ الذي في الآية الكريمة يُفيد مَعنًى أكثَرَ ممَّا لو كان على التَّركيب الذي ذكَرْته؛ لأن هذا التَّركيبَ القرآنيَّ يَدُلُّ على أن هذا الاسوِدادَ في