ومنه هذه الآية:{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ} وجمعها لأنَّها جمع سبْع سَماوات كما في القرآن الكريمِ، وكما في السُّنَّة النبويَّة، والأرض هي الأرض التى وضعها الله عَزَّ وَجَلَّ للخَلْق يعيشون عليها كما قال تعالى:{وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ}[الرحمن: ١٠].
ولم يأتِ في القرآن ذكر عددها صريحًا؛ يعني ليس في القرآن أنَّ الأَرَضين سبع، لكن جاء ذِكْرها بهذا العدد لا على سبيل التَّصريح؛ كقوله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ}[الطلاق: ١٢] مِثْلَهُنَّ في العدد، وليس مثلهنَّ في الصِّفَة لتَبَايُنِ ما بين السَّموات والأرضِ في الصِّفَة، فالمماثلة في الصِّفَة مستحيلَةٌ؛ السَّموات كبيرة ورفيعة ومحيطة بالأرض، ولا يمكن أن تكونَ السَّمواتُ مثلَها في الصِّفَة؛ إذن: تعيَّن أن تكون مثلها في العَدَد لأنَّه قال: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} أي: عددًا لا صِفَةً.
أما السُّنَّة فصريحةٌ في أنَّ الأَرَضينَ سَبْعٌ؛ قال النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا طُوِّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ"(١).
والظاهر من النُّصوص: أنَّ هذه الأَرَضين متطابِقَة؛ يعني: بعضها تحت بعض كالسَّمواتِ؛ لأنَّ قوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:"طُوِّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ" لولا أنها متطابِقَة لم يُعذَّب بما تحت الأرض العليا، فهي متطابِقَة، ولكن ذكر العلماء - الذين يتكلمون على خَلْق الأَرَضينَ -: هل هذه الأَرَضُونَ مُتباينَة منفصلٌ بعضها عن بعض، أو هي كتلة واحدة؟
(١) أخرجه البخاري: كتاب المظالم، باب إثم من ظلم شيئا من الأرض، رقم (٢٤٥٢)، ومسلم: كتاب المساقاة، باب تحريم الظلم وغصب الأرض، رقم (١٦١٢/ ١٤٢) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.