للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلُوُّ الله سبحانه يَنقَسِم إلى قِسْمين: عُلوُّ ذاتٍ، وعُلوُّ صِفة.

أمَّا عُلوُّ الصِّفة فلم يَختَلِف فيه أحَد من أهل القِبْلة، حتى أهل التَّعطيل يُثبِتون لله تعالى عُلوَّ الصِّفة، لكن على اختِلاف بينهم وبين أهل السُّنَّة في كون هذا الشيءِ عُلُوًّا أو نُزولًا؛ لأنهم يَرَوْن أن من عُلوِّ الله تعالى في صِفَته نفيَ الصِّفات عنه، أمَّا أهل السُّنَّة والجماعة فيَرَوْن أن من عُلوِّه إثباتَ جَميع صِفات الكَمال له على حسَب ما ورَد في الكِتاب والسُّنَّة.

فالخُلاصةُ: أن أهل القِبْلة اتَّفَقوا على إثبات عُلوِّ الصِّفة، لكن اختَلَفوا: كيف يَكون علوُّ الصِّفة؟.

أمَّا عُلوُّ الذاتِ: فقدِ اختَلَفوا اختِلافًا عَظيمًا، حتى قال بعض مَن يَنتَسِب للإسلام: إثبات عُلوِّ الذاتِ كُفْرٌ.

وقال أهل السُّنَّة والجماعة: إثبات عُلوِّ الذات واجِبٌ، ولا بُدَّ أن نُثبِت لله تعالى عُلوَّ الذات كما أَثبَتْنا له عُلوَّ الصِّفات.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: التَّبايُن العَظيم بين الربِّ الخالِق العَظيم وبين الأصنام المَعبودة التي يُشرَك بها مع الله تعالى؛ لقوله تعالى: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي: تَنزيهًا له وتَعاظُمًا ورِفْعةً عمَّا يُشرِك به هؤلاء؛ ولهذا جاء استِفْهام التوبيخ والاحتِقار لهذه الأصنامِ في قوله تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨) أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: ١٨ - ٢٠]، يَعنِي: أَخبروني مَن الذي لهذه الأَصنامِ بالنِّسبة لآيات الله تعالى العَظيمةِ الكُبرى التي رآها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، أي: بعدَ أن تَقرَّرت هذه الآياتُ الكبيرة أَخبِروني ما لهذه الأصنامِ، {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} ماذا تَكون أمامَ هذه الآياتِ الكبيرة؟ لا شيءَ؛ ولهذا قال تعالى:

<<  <   >  >>