للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبهَمه للتعظيم، وهو مَعلوم فليس هناك ضَرورة إلى التَّعْيين؛ لأنه مَعلوم أن القاضِيَ هو الله ربُّ العالَمين.

وقوله تعالى: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} أي: بين الناس، {بِالْحَقِّ} أي: بالعَدْل، {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} شيئًا، يُقضَى بين الناس يوم القيامة بالعَدْل، وليس القضاء بين الناس فقَطْ بالعَدْل، بل وبين البَهائم أيضًا بالعَدْل، حتى إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أَخبَر بأنه يُقتَصُّ للشاة الجَلحاءِ من الشاة القَرناءِ (١)، سُبحانَ الله! ثُمَّ بعد ذلك تَكون تُرابًا؛ لأنها ليس لها جَنَّة ولا نار، لكِنْ إظهارًا للعَدْل وشِفاءً لما في الصدور؛ لأن الشاة الجَلحاءَ إذا نطَحَتْها الشاه القَرناءُ صار في قَلْبها شيء، لكنها لا تَستَطيع أن تَقتَصَّ؛ لأن هذه لها قُرون وهذه ليس لها قُرون، لكن يوم القِيامة يُعطِي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الشاة الجَلْحاء قُدرة حتى تَقتَصَّ، أو يُريها الله عَزَّ وَجَلَّ كيف يَقتصُّ لها من الشاة القَرناءِ؛ ولهذا يَقول تعالى: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ}.

يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [أيِ: العدل]، وفسَّر الحَقَّ هنا بالعَدْل ولم يُفسِّره بالصِّدْق؛ لأن المَقام مَقام حُكْم وقَضاء، والمُناسِب فيه العدل.

قوله تعالى: {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} الضمير (هم) يَعود على الناس، يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{لَا يُظْلَمُونَ} شيئًا]، أي: لا يُنقَصون من حُقوقهم شيئًا، بل يُعطَى كل إنسان حقَّه على وجهِ الكَمال.

وقوله تعالى: {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} الجُمْلة حالِيَّة، يَعنِي: والحال أنهم لا يُظلَمون شيئًا.


(١) أخرجه مسلم: كتاب البر، باب تحريم الظلم، رقم (٢٥٨٢)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>