للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استِكْبار؛ فالتَّكذيب كُفْر جُحود، وتَرْك العمَل كُفْر استِكْبار، والآية تَشمَل هذا وهذا.

فإن قال قائل: في هذه الآيةِ: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا}، وفي الحديث في صحيح البُخارِيِّ وغيره: أنه تُصوَّر لهم النار كأنها سَرَاب فيَأتون مُسرِعين (١)، فكيف يُمكِن الجَمْع بين السُّوق وبين كونهم هم يَتَبادَرونها؟

فالجَوابُ: أن الجَمْع من أحد الوَجْهين:

إمَّا أنه يُجمَع لهم بين السَّوْق وبين انطِلاقهم، ولا مانِعَ من أن يَركُض الإنسان وهناك واحد وراءَهُ يَدفَعه.

أو يُقال: إنهم إذا وصَلوا إلى حَوْلها ورأَى المُشرِكون النار هابوا ووقَفوا، وعلِموا أنها ليسَتْ بماءٍ، فسوف يَنكِصون وحينئذ يُساقون ويَدَعُّون إلى جَهنَّمَ دعًّا.

وإن قال قائِل: هل يُعذَّب الجِنَّ كما يُعذَّب الإنسان في جَهنَّمَ؟ وهل هُما سواءٌ؟

فالجَوابُ: نعَمْ، هذا هو الظاهِر، أن الجِنَّ يُعذَّبون كما يُعذَّب الإِنْس، قال تعالى: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف: ٣٨].

قوله تعالى: {إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} قوله: {جَهَنَّمَ} سبَق الكلام عليها، وأن العُلَماءَ رَحِمَهُم اللهُ اختَلَفوا فيها، وهل هي مُعرَّبة أو عرَبية أصلِيَّة.


(١) أخرجه البخاري: كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، رقم (٧٤٣٩)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، رقم (١٨٣)، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>