للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تَقبيح مَسْكَن النار، وخُبْث سَكَنها؛ لقوله تعالى: {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن النار مَثوَى أهل الكِبْر، وأمَّا أهل التَّواضُع فمَأواهُمُ الجَنَّة، فالمُتواضِعون للحًقِّ وللخَلْق هؤلاء في الجَنَّة، والمُتكَبِّرون عن الحَقِّ وعن الخَلْق هؤلاء مَثْواهمُ النار.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: التَّحذير من الكِبْر؛ لئَلَّا يَكون الإنسان من أصحاب النار.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن الكِبْر قد يَصِل بصاحِبه إلى عمَل أهل النار وإن كان يَبدو قليلًا في قَلْبه، يَعنِي: إذا رأيتَ من نَفْسك تَكبُّرًا على أحَد فعالِجْ هذا الداءَ! عالِجْ هذا المرَضَ قبل أن يَستَشرِيَ؛ لأن هذا المرَضَ للقَلْب بمَنزِلة السَّرَطان للبدَن، إن لم تُبادِر بعِلاجه فإنه يَقضِي عليك، ولا تَتَهاوَنْ بالكِبْر، فالكِبْر خُلُق رَذيل ذَميم، وجَرِّب نَفْسك إذا تَواضَعْت: تَجِدْ راحة وطُمَأْنينة، تَجِد أنك لن تَندَم، لكن لوِ استكْبَرت على أحَد ثُمَّ عُدْت إلى عَقْلك لنَدِمت واستَغْفَرت.

أمَّا إذا تَواضَعْت فإنك تَجِد راحة وطُمَأنينة ويَحصُل لك في قُلوب العِباد محَبَّة وأُلفة، فإيَّاك والكِبرياءَ، وعليك بالتَواضُع، ولين الجانِب، وإذا انضَمَّ إلى ذلك أنك تُريد بها الوصول إلى كَرامة الله عًزَّ وَجَلَّ والخُضوع لله تعالى؛ فإنك تَزداد ثوابًا ورِفْعة؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَوَاضَعَ للهِ رَفَعَهُ" (١)؛ وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تَوَاضَعَ للهِ" مَعنَيان:

المَعنَى الأوَّل: تَواضُع للخَلْق من أَجْل الله تعالى؛ لأن الإنسان قد يَتَواضَع للخَلْق لا لله تعالى، ولكن لِطَمَعٍ، فيَتواضَع له ويَتخضَّع لشخص لأَجْل أن يَنال


(١) أخرجه مسلم: كتاب البر والصلة، باب استحباب العفو والتواضع، رقم (٢٥٨٨)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>