منه لُقْمة عَيْش، ولكن إذا تَواضَع لله تعالى - يَعنِي: امتِثالًا لأَمْره - فإن ذلك يَكون سببًا للرِّفْعة.
المَعْنى الثاني: مَن تَواضَع لله تعالى نَفْسِه، والتَّواضُع لله تعالى نَفْسه هو التَّواضُع لدِينه، بحيث يَقبَله الإنسان وهو يَشعُر أنه مُحتاج إليه ومُضطَرٌّ إليه وأن مَقام الدِّين أعلى منه.
مَسأَلة: إذا نُصِح بعضُ الناس قال: إن النار لها حطَب؛ يَعنِي: أنه هو من حطَب نار جَهنَّمَ؟
فالجَوابُ: أن هذا يُوشِك أن يَكون كما قال، مِثْل الشيخ الكبير الذي عادَه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وهو مَريض، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: "لَا بَأْسَ طَهُور إِنْ شَاءَ اللهُ"، فقال الرجُل: طَهور! بل حُمَّى تَفور، على شيخٍ كبير، تُزيرُه القُبور. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَوْ ذَاكَ" فما أَصبَح الرجُل إلَّا مَيْتًا (١)، يَعنِي: أنه عُومِل بما أَراد لنَفْسه، ولو قَبِل هذا الرجاءَ من الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأَوْشَك أن يُعافَى.
فهذا الرجُلُ - والعِياذُ بالله - الذي يَقول:(إِنَّ لجَهَنَّمَ حطَبًا) هذا يُوشِك أن يَكون من حطَبها؛ لأن هذا يَدُلُّ على أحَد أمرين: إمَّا السُّخرية، وإمَّا عدَم المُبالاة، وكلاهما كُفْر، فعليه أن يَتوب إلى الله تعالى وأن يَرجِع إلى الإسلام بعد أن خرَج منه.
(١) أخرجه البخاري: كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم (٣٦١٦) من حديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -.