فُتِحَت أبوابُها)، ويَكون الجواب على هذا محَذوفًا، وهذا ما ذهَب إليه المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ.
وقيل: الواو حرفُ عَطْف، والجوابُ مَحذوف مُقدَّر قبلَها، والتَّقدير:(حتى إذا جاؤُوها هُذِّبوا ونُقُّوا وفُتِحَت أبوابُها)، وهذا القولُ أصَحُّ الأقوال أن الواو للعَطْف وليست للحال، وأن الجواب مَحذوف مُقدَّر قبل الواو.
وهذا القولُ هو الراجِحُ لدَلالة الأحاديث عليه، فإنه قد ورَدَ في الأحاديث الصحيحة أنهم إذا عبَروا الجِسْر - الصِّراط المَمدود على جَهنَّمَ - وقَفوا على قَنطرةٍ بين الجَنَّة والنار، فيُقتَصُّ لبعضهم من بعض، حتى إذا هُذِّبوا ونُقُّوا أُذِن لهم في دُخول الجَنَّة، ثُمَّ إنهم أيضًا إذا وصَلوا الجَنَّة لا يَجِدون أبوابها مَفتوحة، بل يَجِدونها مُغلَقة حتى يَشفَع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فيَفتَح الله تعالى أبوابَها، هذا القولُ هو الراجِح المُتعَيِّن بدَلالة السُّنَّة عليه.
مَسأَلةٌ: ورَد أن المُؤمِنين قبل دُخولهمُ الجَنَّة يُوقَفون على قَنطَرة يُقتَصُّ من بعضهم لبعض، فهل هذه القَنطرةُ من الصِّراط أم غيره؟
الجَوابُ: القنطرة التي يُوقَفون عليها بعد العُبور على الصِّراط؛ قيل: إنها طرَف الصِّراط، فهي قَنطرة وإن لم يَكُن تَحتَها شيء، فـ (وُقِفُوا على القَنْطرة) أي: على جانِب الصِّراط الكبير، وقيل: إنها قَنطَرة أُخرى للعُبور عليها، فالله أَعلَمُ.
فإن قال قائِل: كيف يُقتَصُّ لبعضهم من بعض والقِصاص كان في عرَصات القيامة قبل العُبور على الصِّراط؟
فالجَوابُ: هذا الاقتِصاصُ غير الاقتِصاص الأوَّل، الاقتِصاص الأوَّلُ للجزاء والمُعادَلة، وهذا الاقتِصاصُ لإزالة ما بَقِيَ في النفوس من أجل إزالة الغِلِّ والحِقْد؛