وقد تَقدَّم: أنهم إذا هُذِّبوا ونُقُّوا دخَلوا الجنَّة كما جاء في الحديث.
وقوله تعالى:{أَبْوَابُهَا} قد عَلِم أن أبوابها ثمانية لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الوُضوء:"فُتَّحَتْ له أَبْوَابُ الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ"(١). وقوله:{وَقَالَ لَهُمْ} العجَب أن بعض النَّحويِّين قال: إن الواو هنا واوُ الثمانية، فأَحدَث للواو مَعنًى جديدًا، واستَدَلَّ لقوله بأَمْر عَجيب؛ قال: إن الله تعالى قال قي القرآن: {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}[الكهف: ٢٢]، فالواو للثَّمانية، فيُقال: سُبحانَ الله! من أين جاءَتْ؟! فالفائِدة في قوله تعالى:{سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} تَقرير ما ذكَرَ؛ لأن الله تعالى قال:{سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}.
قال العُلَماءُ رَحِمَهُم اللهُ: إنه قال: {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} تَقريرًا لهذا القولِ؛ ولهذا قال فيما قبله:{رَجْمًا بِالْغَيْبِ} وفي قوله تعالى: {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} لم يَقُل: {رَجْمًا بِالْغَيْبِ}؛ لأن الواو عاطِفة تَدُلُّ على أن ما قبلَها ثابِت مُتقَرِّر.
قال تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} خزَنتها المُوَكَّلون بها، وهم ملائِكة، يَقولون لأهل الجَنَّة:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ}.
وقوله تعالى:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} هذا خبَر، وليس دُعاءً فيما يَظهَر؛ لأنه لو كان دُعاءً لكان القادِمون هم الذين يُسلِّمون، وهنا المَلائِكة هي التي تَقول:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ}، فكأنها تُخبِرهم بأنهم حلَّ عليهم السلامُ؛ لأن الجنَّة دارُ السلام.
(١) أخرجه مسلم: كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، رقم (٢٣٤)، من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.